الخطوات المنهجية في البحث السوسيولوجي انطلاقا من السؤال الأولي إلى جمع المعطيات (تاريخ الأمة العربية نموذجا)
لا يوجد لقاحا ضد الغباء في الوطن العربي ما دامت الأمة تخضع إلى ديمقراطية السذج،حيث يسود الظلم والقهر، فيصبح الغل قوتا يوميا، و النميمة فاكهة للمجالس. في عالم سنت فيه قوانين و فتاوى للنهب. إذ لا مكان للضعيف أمام القوي، يعتبر فيه الحق والعدل مجرد مفردات في خيال من لا يملكون شيئا. لذا يسعى الغبي دائما إلى تكرار نفس العمل بنفس الطريقة و الخطوات في انتظار نتائج متباينة، في حين يظل الاعتراف بالخطأ أو النصيحة أو السؤال أو التجربة مجرد وجهة نظر، لا علاقة لها بالكرامة التي لا تقاس بالتدرج، إما أن يكون المرء ثابتاً أو زاحفاً، لا مكان لوجود منطقة رمادية بينهما. إنها معاناة الشعوب بين استحمار داخلي واستعمار خارجي. فأغلب الناس لا يسمعون بغاية الفهم، ولكن ينصتون بهدف الرد، ما يتأتى عنه ضعف علل الفهم مقارنة بعلل الجسد. إذ ما يمكن استنتاجه، أن توحد القطيع لا يتطلب سماع الحقيقة أكثر ما هو بحاجة إلى كذبة أو كلام زائف من غرض الإلهاء، في إطار التحذير و طمس الحقيقة و تجريم التحليل المنطقي، حيث تصبح الديمقراطية رهينة الاعتقادات و الافتراء بسبب فيضان المعلومات، وتراجع الحس النقدي، وتضخم الاعتقاد بأن “كل رأي يحظى بنفس القيمة”. لكن نحن الآن بحاجة إلى ثورة فكرية تعيد الاعتبار إلى العقلانية والعلم في زمن الرقمنة. فماذا نستفيد ممن يشكو من الرياح دون أن يحاول البحث عن مخرج لتغيير اتجاهها أو يقوم بضبط الأشرعة. هكذا توقف الزمن عند العرب بتبني آليات القياس الخاطئة في قياس الحاضر والمستقبل بالماضي، في استلهام عشوائي من التراث، بمنهجية لا تليق بمنزلة التعليل. إنها النقطة الزمنية الراكدة التي شككت في قدرة الإبداع لدى العقلية العربية داخل أوطانها. الجميع يتساءل هل السيف هو من كتب التاريخ العربي بعد أن توقف بهم الزمن حين ظهور السلاح العابر للقارات. فمن أسباب صناعة مادة التاريخ في المدارس هو التغطية على التاريخ الحقيقي و تزويره. لأن ما يطلق عليه بالثورة العربية الكبرى هي خيانة العرب للخلافة. كما أن النهضة العربية هي تاريخ تسليم الأمة إلى المستعمر. في حين أن الاستقلال هو تاريخ بداية الاستعمار الحقيقي. لأن الصيرورة الزمنية لا تتغير مع الأحداث، لكنها تعمل على إسقاط الأقنعة. إنه علم الاجتماع المعرفي، سوسيولوجيا الإعلام، الفكر النقدي، الذي يعمل على تفكيك خبايا المعتقدات الجماعية في تحليل دقيق لكيفية انتشار الخرافات، ونظريات المؤامرة، والتفكير اللاعقلاني في المجتمعات الحديثة، انطلاقا من: – محاباة العقل البشري – الديمقراطية والاعتقاد اللاعقلاني – توسع العرض المعلوماتي – المعرفة العلمية مقابل الخرافة الشعبية – نظريات المؤامرة – الاستقبال النقدي (الإيجابي و السلبي) حيث يعم فهم سيكولوجيا الإيمان بالمعلومة الكاذبة، لأن طبيعة البشر تميل إلى تصديق ما يؤكد معتقداتهم السابقة (التحيز التأكيدي). كما أن المجتمعات الديمقراطية، رغم حرية التعبير، قد تكون بيئة خصبة للمعتقدات الزائفة و تكاثر الأوهام. و لا يجوز انتقاد من يعتقد أن “كل الآراء متساوية” حتى عندما تكون مبنية على مغالطات أو خرافات. هكذا أصبحت النزعة العلمية مهددة أمام تصاعد “الديمقراطية المعرفية الزائفة”.