: كتبه وليد القطان من اضطهاد الفلسطينيين إلى التعدي على دول الجوار
منذ نشأة الكيان الإسرائيلي في عام 1948، لم تعرف منطقة الشرق الأوسط الاستقرار الحقيقي. فقد ارتبط وجود إسرائيل على الأرض الفلسطينية بسلسلة متواصلة من الاعتداءات، والاضطهاد، والتوسع العسكري، ليس فقط بحق الشعب الفلسطيني، بل أيضًا على عدد من دول الجوار، في تحدٍّ صارخ للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن، وتجاهل متعمد لحقوق الإنسان والمواثيق الأممية
أولًا: الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واضطهاد الفلسطينيين
منذ النكبة وحتى يومنا هذا، يعاني الشعب الفلسطيني من أشكال متعددة من الاضطهاد والانتهاكات، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
الاستيطان ومصادرة الأراضي: تبني إسرائيل مستوطنات غير شرعية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتصادر أراضي الفلسطينيين بالقوة، في خرق فاضح للقانون الدولي.
الحصار على غزة: تفرض إسرائيل حصارًا خانقًا على قطاع غزة منذ أكثر من 17 عامًا، مما تسبب في كارثة إنسانية واقتصادية، وحرمان أكثر من مليوني إنسان من أبسط مقومات الحياة.
الاعتقالات التعسفية: تعتقل سلطات الاحتلال آلاف الفلسطينيين، من بينهم أطفال ونساء، دون محاكمة عادلة، وتستخدم وسائل تعذيب ممنهجة داخل السجون.
القتل خارج القانون: تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات اغتيال وإطلاق نار مباشر على مدنيين في الضفة وغزة والقدس، متذرعة بـ”دواعٍ أمنية”، في حين أن الضحايا غالبًا لا يشكلون أي تهديد فعلي.
تهويد القدس: تعمل إسرائيل على تغيير الطابع الديمغرافي للقدس عبر هدم منازل الفلسطينيين وطردهم، وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
—
ثانيًا: تعدي إسرائيل على دول الجوار
لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية عند حدود فلسطين، بل امتدت إلى دول مجاورة، في سياق طموح استراتيجي يقوم على الهيمنة والردع والسيطرة الإقليمية، ومن أبرز هذه التعديات:
لبنان: شنت إسرائيل عدة حروب على لبنان، أبرزها في 1982 و2006، أسفرت عن آلاف القتلى، ودمار واسع في البنية التحتية، ولا تزال تنفذ غارات جوية بشكل دوري، وتخرق الأجواء اللبنانية باستمرار.
سوريا: تستهدف إسرائيل بشكل متكرر مواقع في الأراضي السورية، تحت ذريعة ضرب “أهداف إيرانية”، مسببة خسائر بشرية ومادية، دون أي اعتراف رسمي بمسؤوليتها، مما يعكس استهتارًا بالقانون الدولي.
العراق: نفذت إسرائيل ضربات جوية على مواقع داخل العراق خلال السنوات الأخيرة، مستهدفة مخازن أسلحة، ما يُعد خرقًا واضحًا لسيادة بلد عربي آخر.
إيران: رغم البعد الجغرافي، فإن إسرائيل تنفذ عمليات اغتيال وهجمات سيبرانية ضد علماء ومنشآت إيرانية، وقد وصلت في بعض الأحيان إلى شن غارات داخل الأراضي الإيرانية، ما ينذر بخطر توسع الحرب إلى نطاق إقليمي واسع.
—
ثالثًا: ازدواجية المعايير الدولية
تستفيد إسرائيل من الدعم الغربي، خاصة الأمريكي، الذي يحميها من أي مساءلة قانونية أو دولية. في الوقت الذي تُدان فيه دول أخرى بسبب تجاوزات حقوق الإنسان، تُمنح إسرائيل الحصانة، بل وتُزود بالسلاح والغطاء السياسي.
وهذا الازدواج في المعايير يضرب مصداقية المؤسسات الدولية، ويغذي مشاعر الظلم والغضب في العالم العربي والإسلامي، ويعرقل أي جهود حقيقية نحو السلام.
—
رابعًا: ماذا بعد؟
إن استمرار إسرائيل في ممارساتها العدوانية من دون رادع، يعني أن المنطقة مقبلة على مزيد من التصعيد والفوضى. ولا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار إلا بـ:
1. وقف الاستيطان والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
2. إنهاء الحصار على غزة وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه السياسية والإنسانية.
3. احترام سيادة دول الجوار والكف عن الاعتداءات العسكرية.
4. تحقيق العدالة الدولية وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.-
القضية ليست فقط صراعًا سياسيًا بين إسرائيل والفلسطينيين، بل هي قضية حق وعدل وكرامة. ما دام الاحتلال قائمًا، وما دام القتل مستمرًا، سيبقى الشرق الأوسط في حالة اضطراب دائم. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية في وقف العدوان الإسرائيلي ومناصرة شعبٍ يعاني منذ أكثر من سبعين عامًا.