الحياة مسرحية، اقتنع الجمهور بالعرض أم لم يقتنع لقد دفع ثمن التذكرة مسبقا. إنها الرحلة الطويلة التي يواجه فيها الإنسان الكثير من الأقنعة والقليل من الوجوه الحقيقية. لكن كلما تقدم به العمر، ضعف البصر … و اتضحت …الرؤية. حيث يتطلب فهم الواقع واستيعاب أحداثه جهداً كبيرا، في حين يُباع الغباء في أسواق الوهم كمنتج استهلاكي مربح. في إشارة إلى أن المرء يحاول دوماً تفسير الأمور وفق ما يريد، لا وفق ما هي عليه، لهذا من الصعب إصلاح مجتمع ما زال يعتبر النقد إهانة و الاختلاف في الرأي خيانة. إذ من المؤسف أن يمثلنا ضمير يشبه الهاتف القديم، يرن ولا أحد يرد. هدفه وضع اللجام على الأفواه و الإستدراج من أجل وضع السروج على الظهران بعد الإنحناء الطويل. فمن الصعب أن تصدق البذرة الصغيرة أن هناك شجرة ضخمة مخبأة بداخلها!!!!؟ لكن حقيقة الأمر، ما يبحث عنه المرء موجود بداخله، في ارتباط وثيق بالعقل الذي يجعله سليماً أو مريضاً، تعيسا أو سعيدا، غنيا أو فقيرا. كما أنه يؤشر على القدرة في التفكير المنطقي و التبرير وضبط المفاهيم من خلال آليات الاستدلال المعرفي لإدرك الأشياء على حقيقتها. وذلك باستعمال الدماغ، العضو المادي الذي يولد الوعي والأفكار من خلال معالجة المعلومات الحسية، انطلاقا من التجربة الذاتية والقدرات المعرفية المكتسبة، ما يثير عدة أسئلة حول طبيعة العقل و علاقته بالمادة، والوعي، والمعرفة، بدعم مباشر من “النفس” لأنها تمثل الجوهر غير المادي لحقيقة الإنسان، ما يميزه عن باقي الكائنات الأخرى. إذ تعتبر النفس مصدرًا للإرادة و الفكر، والحركة والشعور. على الإنسان أن يقتنع بأن أهدافه قابلة للتحقيق عندما يؤمن بذلك، فإن عقله يبحث في تواصل مستمر مع قلبه عن وسائل تجعلها تتحقق. لأن الطبيعة البشرية هي مجموعة من السلوك يحددها علم النفس الاجتماعي في رؤية ديناميكية، حيث يُعتبر السلوك نتاجًا للتفاعل بين الغرائز، العادات، والذكاء، و يتشكل ضمن السياق الاجتماعي والثقافي من خلال ثلاثة مكونات رئيسة: 1. الدوافع باعتبارها ردود فعل فطرية تُوجه السلوك في المراحل المبكرة من الحياة. 2. العادات: أنماط للسلوك المكتسبة من خلال التفاعل مع المجتمع و البيئة، والتي تُشكل الجزء الأكبر من تصرفاتنا اليومية. 3. السلوك الذكي: القدرة على التكيف مع المواقف الجديدة وإبراز مناهج التفكير النقدي، مما يسمح في توجيه السلوك وتعديل العادات نحو أهداف مرغوبة. في حين أن الأخلاق ليست قائمة على قواعد ثابتة، بل هي عملية اجتماعية تتطور مع تغير الظروف، لأن الحرية الحقيقية تكمن في القدرة على التخطيط، التكيف، واتخاذ قرارات مبنية على التفكير الواعي، وليس في غياب القيود فقط. الأخلاق كعملية اجتماعية تنبع من التفاعل الاجتماعي، دون فرض أي قيد من مصادر مجهولة أو عن إملاءات خارجية. كما أن العادات كوسيلة للتكيف تُساعد الأفراد على الإنسجام التام مع البيئة الحاضنة، لكنها قد تُعيق التغيير إذا لم تُراجع بانتظام. حيث تعتمد أهمية التفكير النقدي على دور الذكاء في تعديل العادات و توجيه السلوك نحو أهداف تتماشى و القيم الاجتماعية. لذا تعد “الطبيعة البشرية والسلوك” مرجعًا أساسا لفهم السلوك الإنساني من منظور اجتماعي وتربوي، يُقدم رؤى قيمة حول كيفية تشكيل العادات والأخلاق في سياق الحياة اليومية. لأن بداخل الإنسان عواصف و أمطار و برق و رعد ، لا تشير إليها مصلحة الأرصاد الجوية. لذا أصبحنا أسرى للعناوين وعُبّادًا للألقاب في زمن يمنع فيه الأذكياء من التفكير حتى لا يهان الحمقى. لكن بين منطوق لم يُقصد، ومقصود لم ينطق،تضيع الكثير من الأمور التي تساهم في بناء مجتمع سليم لا يسمح فيه بتقديم السفهاء، وتأخير العلماء وانتشار الظلم في عالم لا تنحث الأصنام نفسها و إنما ينحثها عشاق العبودية من الرقيق.