كتبت نجوى نصر الدين فلسطين ليست قضية حدود، بل قضية حق لماذا لا يسقط الزمن عدالة الأرض منذ أكثر من سبعة عقود، والضمير الإنساني مُعلّقٌ على مفترق طريق: هل يمكن أن يُبنى وطنٌ على أنقاض شعب؟ وهل يصبح الاضطهادُ مبررًا لارتكاب اضطهادٍ جديد؟ إنّ القضية الفلسطينية ليست فقط صراعًا سياسيًا، بل هي صراع على الحق، والكرامة، والوجود. أولًا: فلسطين لم تكن أرضًا بلا شعب لطالما روّجت الصهيونية لعبارة: “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، ولكنّ الأرض كانت مأهولةً بشعبٍ حيّ، بزيتونه وحقوله ومدنه وذاكرته. يقول المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابِه: “ما حدث عام 1948 لم يكن حربًا أهلية، بل كان تطهيرًا عرقيًا مدروسًا.” الأرشيفات البريطانية والصهيونية نفسها تكشف أن التهجير لم يكن عرضيًا، بل ضمن مخطط يُعرف باسم “خطة دالت”، هدفها تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين. ثانيًا: الصهيونية ليست الدين اليهودي من المهم التفريق بين اليهودية كديانة سماوية، وبين الصهيونية كحركة سياسية استيطانية. يقول الفيلسوف اليهودي الألماني هاناه آرندت: “الصهيونية أخطأت حين حوّلت الدين إلى أداة قومية واستعمارية.” لذلك، ليس من العدل استخدام المعاناة التاريخية لليهود كتبرير لخلق معاناة جديدة للفلسطينيين. ثالثًا: الشرعية الدولية بجانب الشعب الفلسطيني قرار الأمم المتحدة 194 (عام 1948): يطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم. اتفاقيات جنيف: تُجرّم نقل السكان إلى الأراضي المحتلة، وتدين هدم البيوت والطرد القسري. محكمة العدل الدولية (لاهاي، 2004): أقرت بعدم قانونية الجدار الفاصل. لكن رغم كل ذلك، ما زالت القوة تُعلّق العدالة على حبل السياسة الدولية. رابعًا: الحل ليس بنقل اليهود إلى “بايرويدجان” أو غيرها رغم رمزية بعض الأفكار التي تقترح “بدائل” لدولة الاحتلال، فإن الحل الحقيقي لا يقوم على اقتلاع شعب مقابل شعب، بل لابد من : إنهاء الاحتلال. الاعتراف بالحقوق الفلسطينية الكاملة. قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس. ضمان حق العودة وفق القانون الدولي. يقول المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد: “القضية الفلسطينية لا تتعلق بالماضي فقط، بل بمستقبل العدالة في العالم.” خامسًا: القدس ليست نزاعًا على حجر، بل شرف البشرية القدس ليست فقط رمزًا دينيًا، بل رمزًا للعيش المشترك بين الأديان. ما يحدث من تهويد، واقتحام، وتغيير ديموغرافي، هو محاولة لطمس الهوية الجامعة لهذه المدينة المقدسة. قال البابا فرنسيس في أحد خطاباته: “لا سلام بدون عدالة، ولا عدالة بدون احترام القدس لجميع أبنائها في فلسطين، لا تُقاس الخسارة بعدد البيوت المهدّمة أو الأسر أو الإبادة فقط، بل بعدد الأرواح التي تعلّقت بمفتاح البيت، والذاكرة، والحق في العودة. القضية ليست دفاعاً عن أرض فقط، بل عن كرامة الإنسان، وعن سؤال لا يموت: كيف نعيش في عالمٍ يسمح بأن يُسلب وطنٌ كامل، ويُعاد تعريف الظلم كسلام؟ فليعلم العالم أن فلسطين ليست مجرد خريطة، بل قلبٌ نابض بالحق، وأن الاحتلال مهما طال، لن يصنع وطنًا، بل جريمة لا تموت تحياتي نجوى نصر الدين