كأن الرجلَ نَذَرَ نفسه وجهده وشبابه لعمل الخير وخدمة أهله وقريته! فمنذ سنوات شبابه الأولى؛ بدا حرصه على فعل أي شيء يتلمَّس فيه مصلحة عامة لأبناء قريته بشكل عام وأبناء الناحية التي يقطنها بشكل خاص، ومن ذلك سعيه الدؤوب من أجل إقامة مسجد بالناحية، (مسجد النور بالقويرات)، الذي تم إنشاؤه بالجهود الذاتية؛ حيث كان من أبرز المشرفين عليها، ثم تحمُّله عناء الإجراءات القانونية والمتابعة مع أكثر من جهة لإنشاء الطريق الشرقية للناحية؛ (المجاورة لمحلّ الأستاذ إسماعيل الطويل)، والتي توجّت قبل سنوات بإنجازها، بفضل الله…
ثم كان الجهد الأكبر والأبرز بإنهاء إجراءات التبرّع بالأرض التي أقيمت عليها مدرسة الشيخ جاد بالناحية، وذلك بعد مراحل من الشدّ والجَذب و”المُعافَرة” مع بعض الورثة، لينتهي الأمر – بفضل الله – بتخليد اسم جَدّه (الأب الروحي لناحية القويرات)، خالد الذِّكْر، الشيخ جاد عبدالرحيم، (طيَّب الله ثراه)، على صرح تعليمي مُشرّف.
ولا يختلف اثنان في قريتنا الطيبة على ما قدّمه الأستاذ عصمت عبدالسميع من جهد وفكر لخدمة قريته وأهلها الكرام، فضلاً عن دوره المتميز في إثراء العملية التعليمية، وخصوصاً لناحية كونه المدير المؤسس لمدرسة التربية الفكرية بالوقف لخدمة أبنائنا ذوي الاحتياجات الخاصة. *** وُلد الأستاذ عصمت محمود عبدالسميع محمد عبدالرحيم، (70 عاماً) في 26 أكتوبر 1955، وكان الابن الذّكَر الوحيد لوالديه، وفي عام 1978 حصل على دبلوم المعلمين، ومن ثمّ تسلّمَ عمله مدرساً في سيناء عام 1981، ثم انتقل إلى القاهرة، التي بقي فيها حتى عام 1988، حيث حصل فيه على دبلومة التربية الخاصة، التي أهّلته بدورها للعمل مدرساً بمدارس التربية الفكرية بمدينة الألومنيوم بنجع حمادي، حتى عام 2003. في عام 1990 سافر في إعارة إلى منطقة أبها بالمملكة العربية السعودية، وذلك حتى 1994، ومن ثَمّ عاد إلى مدرسة الألومنيوم، حيث تعرّض بعدها لحادث أليم، نتج عنه كسر بالساق، ألزمه الفراش عدة أشهر…
كان عام 2003 بداية مرحلة جديدة في حياته، حيث كُلّف مديراً لمدرسة التربية الفكرية الوليدة بإدارة الوقف وقتها، والتي أشرف على تأسيسها وتوفير مقوّمات نجاحها، التي شملت فندقاً لإعاشة منتسبي المدرسة، فضلاً عن توفير وجبات لهم. وخلال سنوات قليلة أصبحت المدرسة الفكرية ذات شأن عظيم، ونالت ثناء الإدارة والمتابعين لسنوات. وفي عام 2015، سلّم “أبو علاء” الراية لمن بعده، مخلفاً سيّرة طيّبة لجهد مشرّف أساسه الإخلاص والتفاني في العمل وابتغاء مرضاة الله. *** كان الشيخ محمود عبدالسميع شخصية فريدة، اكتسب منها ابنه الوحيد ذاتية القرار، وعدم السعي مطلقاً لما فيه أذى لأي شخص. ومنذ بدايات الشباب، جُبِلَ الأستاذ عصمت على حُب الخير، والسعي الحثيث لبذل الجهد في أي مشاريع خيرية تخصّ البلد، يحكمه حبٌّ غريزي لفعل الخير وإصرار على تحقيق الهدف، ومن أبرز ما بذل فيه جهداً المدرسة التي سُمّيت باسم جده الشيخ جاد عبدالرحيم، وقد كانت النيّة الأساسية أن تكون معهداً أزهرياً، لكنّ الأمر تعثّر، فطُرحت فكرة إنشاء مدرسة ثانوية، فتم رفض الفكرة لاعتبارات لها وجاهتها وقتها، فاستقر الرأي على مدرسة ابتدائية، وقد بذل المهندس عبدالله محمد عبدالمعبود (يرحمه الله) جهداً كبيراً من أجل إتمام المشروع.
وفي كل ما فعله أو ساهم فيه، لم يكن للأستاذ عصمت طموح شخصي ولا مطمع في شُهرةٍ، ولا سعي لمَجْدٍ شخصي زائل…. وفي كل ذلك كان هدفه خدمة الجميع وبذل الخير للأهل خاصة، وللناس في قريتنا عامة. *** يَعتبرُ أبو علاء أخاه المهندس محمود عبدالمبدي (يرحمه الله) قرينه، بل وقدوته في فعل الخير وإنكار الذات، ومن ذلك أنه عمل – قبل سنوات بعيدة – جمعية مع بعض أقرانه ومُجايليه، بـ 50 جنيهاً في الشهر، تُخصص للمشاريع الخيرية، ويحتسب الرجل أجره عند الله سبحانه وتعالى، حتى وإن التمس بعضَ النّكران لما أعانه الله على القيام به أو المشاركة فيه، كما أن هناك أعمال خير أخرى قام بها، يُفضّل أن تظل بينه وبين ربّه. رُزقَ الله الأستاذ عصمت من الذرّية بخمسة أبناء، حفظهم الله جميعا وبارك فيهم، أكبرهم علاء (مدرس بمدرسة العمدة صلاح بالقلمينا)، ثم د. أحمد (باحث دكتوراه بهندسة القاهرة)، فمحمود (محاسب بالسعودية)، ثم عبدالله (يعمل بالقطاع الخاص بالقاهرة)، وأخيراً فاطمة (بالسعودية – حرم المهندس محمد علي جاد).