كتبت نجوى نصر الدين شعب لا يُكسر وحضارة لا تُنتهى في كل مرة تظن قوى الهيمنة أنها تمسك بخيوط اللعبة، تنهض مصر. ليست نهضة ظرف أو غضبة عابرة، بل قيام وطن يرفض أن يكون تابعًا، وشعب خبر المؤامرات كما خبر النيل، ويعرف أن السير في الطين لا يمنع الوصول. مصر، بتاريخها الممتد على ضفاف الزمان، لم تكن يومًا دولة هامشية. من قلب الصحراء خرجت حضارة تنقش أسماءها على الحجارة، وتغرس جذورها في الروح الإنسانية، وتحمل شعلة البقاء رغم تبدّل العصور. كل من مرّ بها حاول أن يلتهمها، لكنها أبت. من الغزاة القدماء، إلى المحتلين الجدد في ثياب الاقتصاد والسياسة، ظلّت مصر تلد جيلًا بعد جيل من الرافضين، الصامدين، الحالمين. اليوم، في ظل تقارير إعلامية تتحدث عن “أزمات اقتصادية” و”ضغوطات خارجية”، نجد أنفسنا نُساق إلى خطاب يائس، وكأن قدر هذه البلاد أن تبقى على هامش التاريخ. لكن الحقيقة التي تغيب عن البعض أن مصر لم تكن يومًا مجرد أرقام في تقارير، ولا مساعدة تُمنح لتُشترى، بل إرادة وطنية عصية على الانكسار. لا أحد ينكر التحديات: ضغوط مالية، اضطراب في الأسعار، انسحاب في بعض أشكال الدعم الخارجي. لكن من قال إن مصر تنهض بالدعم؟ إنها تنهض بالإرادة. الدعم قد يتوقف، أما العزيمة فلا. الكرامة الوطنية لا تُقايض، والسيادة لا تُفصّل على مقاس المانحين. الحكومة المصرية اليوم، رغم الانتقادات، تحاول السير على حبل مشدود بين الإصلاح والصمود. لا قرارات بلا أثمان، لكن القرارات الحقيقية تُبنى على وعي شعبي، على إعلام لا يروّج للانهزام، على تعليم لا يُخرّج أجيالًا من الأيدي المرتجفة. أما الشعب، فهو وقود المرحلة. المصري الذي يستيقظ كل صباح ليواجه الحياة، يبتكر ويكافح ويغني تحت وطأة التعب. لا يريد صدقة، بل فرصة. لا يبحث عن وهم، بل عن وطن يحميه ويمنحه كرامته. مصر ليست على وشك السقوط، بل على مشارف منعطف جديد. كل أزمة تكشف من نحن، وتختبر معدننا. وإن كان لنا أن نراهن على شيء، فلنراهن على وعي المصري، الذي وإن جاع، لا يبيع. في كل أزمة، تكتب مصر صفحة جديدة، لأن الرواية لم تنتهِ بعد، ولأن بداخلها شعبًا لا يُكسر، ووطنًا لا يُشترى. تحياتي نجوى نصر الدين