يتجه المشهد العالمى اليوم نحو مصير مظلم وقاتم، يتراجع فيه *صوت العقل* وتتقدم أصوات المدافع. ويبدو كأن الإنسانية قد دخلت مرحلة ما قبل الانفجار الكبير. لم تعد الحرب احتمالا بعيدا أو *تهديدا* نظريا، بل أصبحت واقعا يزداد توحشا يوما بعد يوم.
*ما الذى يحدث فى العالم؟* *وما الذى يحدث فى منطقتنا العربية؟* *ولماذا تراجعت دعوات السلام أمام هستيريا التسلح واندفاع الجميع نحو المواجهة؟.*
العالم يمر بحالة من الفوضى *الجيوسياسية* غير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. القوى الدولية الكبرى تتصارع من أجل النفوذ، ليس فقط على المستوى العسكرى بل على كل المستويات *الاقتصادية* *والتكنولوجية* *والأيديولوجية* . ونموذج ذلك نجده فى الحرب الروسية الأوكرانية التى تحولت من مجرد صراع إقليمى إلى معركة *بالوكالة بين روسيا من جانب، وبين الغرب بقيادة أمريكا والناتو من جانب آخر.*
ومن بعيد، تواصل *الصين* صعودها الاقتصادى والعسكرى، وتزيد من نفوذها فى بحر الصين الجنوبى فى ظل التوترات مع *تايوان واليابان والولايات المتحدة الأمريكية.* ويتواكب مع ذلك تزايد التوترات مع كوريا الشمالية..
تحول العالم إلى *ساحة صراعات* مفتوحة، تتراجع فيها قيم السلام، وتنهار معاهدات الحد من التسلح، وازداد شراسة سباق التسلح سواء عبر الأسلحة النووية أو الذكاء الاصطناعى.. *الكارثة التى ستواجه العالم* بشراسة.. فى طريق الفناء.
أما المنطقة العربية، فحدث ولا حرج. حالة من *الاحتراق الذاتى* والاضطراب المستمر. *الصراعات* لا تهدأ، فى اليمن وسوريا وليبيا والسودان والعراق ولبنان، والتى تحولت كل منها إلى ساحة لحرب أهلية أو صراع خارجي، أو كليهما معا.
النكبة مستمرة فى *فلسطين* لتجسد ملامح انهيار النظام الدولى حيث تواجه غزة حرب إبادة شاملة منذ *7 أكتوبر 2023* ، وسط صمت عالمى، وتواطؤ بعض الأنظمة حتى وصلنا إلى أكثر من 50 ألف شهيد، غالبيتهم من *النساء* *والأطفال* . دمرت إسرائيل البنية التحتية بالكامل، وأغلقت الباب نهائيا أمام أى حل عادل.
*الولايات المتحدة* تُصعِّد من نفوذها بنشر القواعد العسكرية والسفن الحربية. إيران تزيد من نفوذها عبر حلفائها الإقليميين. *تركيا* تضع عينها على الشمال السورى والعراقى. روسيا تعزز وجودها فى «المتوسط» بدون مواجهة أمريكا.
الجميع يهرول باتجاه *الحرب* ، وليس السلام. لم تعد هناك مبادرات جادة لإنهاء النزاعات، *بل هناك سباق نحو التصعيد.* ولم تستطع جامعة الدول العربية القيام بالدفع نحو السلام، واكتفت كالمعتاد أصبحت واقعا يزداد توحشا يوما بعد يوم.
ما يحدث من مواجهة شاملة ينذر *بحرب عالمية ثالثة* ، وهو ليس مجرد تهويل إعلامى، بل سيناريو منطقى فى ظل هذا التدهور المتسارع.
*دعوات السلام* أصبحت خافتة ومحاصرة ومتهمة بالسذاجة أو الخيانة. القوى الناعمة فقدت قدرتها على التأثير، وارتفعت أسهم القادة *الشعبويين والقوميين ممن يستثمرون فى خطاب الكراهية والعنف والحرب.*
*الأمم المتحدة* باتت عاجزة ومتواطئة فى الكثير من الملفات. مجلس الأمن مشلول، والمؤسسات الحقوقية الدولية تفقد مصداقيتها يوماً بعد يوم، خاصة مع المعايير المزدوجة فى التعامل مع القضايا، مثل الموقف من فلسطين مقارنة بالموقف من أوكرانيا..
*من الآخر..*
لا تزال مصر هى نور السلام فى قلب هذا *الظلام الأسود* ، ويبقى الأمل قائما فى الشعوب التى ترفض الحرب. والتاريخ يؤكد أن الظلم لا يدوم، وأن السلام سيولد من رحم ظلام الحرب.
وستظل مصر منذ توقيع اتفاقية *كامب ديفيد* وإلى الآن هى صاحبة راية إحياء قيم العدالة *والمساواة* *والسلام* بالأفعال والمواقف، فالحرب بكل تلك التكنولوجيا العسكرية لن يكون فيها منتصر أو مهزوم، بل سيكون الكل رمادًا.