*إعلان حرب*
*بقلم : محمد عتابي*
فى حديقة الورود بالبيت الأبيض، أطلق الرئيس الأمريكى *دونالد ترامب* «صواريخه *الاقتصادية الباليستية»،* معلنًا عن بدء ما وصفه بـ«يوم التحرير»، ليس فقط من قيود التجارة العالمية، بل من عقود كاملة من ( *العولمة* ) الاقتصادية ا
وبفرض الرسوم الجمركية التى وصلت إلى *20 ٪* على كافة الواردات، يكون ترامب قد دق طبول الحرب الاقتصادية العالمية.
فى تصريحات أدلى بها على متن طائرة الرئاسة، أكد الرئيس الأمريكى أن *الرسوم الجمركية* ستشمل جميع الدول وليس فقط التى تُتهم باختلالات تجارية مع الولايات المتحدة، وقال إن *الرسوم المتبادلة* هى الوسيلة الوحيدة لإنهاء ما يراه خللًا كبيرًا فى ميزان التجارة العالمى،
مشيرًا إلى أن العجز التجارى الأمريكى، الذى بلغ 1.2 تريليون دولار فى عام *2024* ، يمثل إهانة لاقتصاد بلاده!.
*المستشارون فى البيت الأبيض* يتحدثون عن قائمة سرية عُرفت باسم (الخمسة عشر القذرون)، وهى تضم دولًا، من بينها الصين، *والاتحاد الأوروبى، والهند، وكوريا الجنوبية، والمكسيك* ، وغيرها من *الاقتصادات* الكبرى التى يتهمها ترامب بوضع حواجز جمركية غير عادلة أمام المنتجات الأمريكية.
وتقول التقارير إنه أطلق وابلًا من *الصواريخ الباليستية* على النظام التجارى العالمى، على حد تعبير أحد المعلقين الاقتصاديين، وإن هذه الخطوة، إذا ما قوبلت بردود فعل مماثلة من *أوروبا والصين* ودول أخرى، فقد تؤدى إلى خسائر اقتصادية عالمية تُقدّر بـ1.4 تريليون دولار، بحسب دراسة لجامعة أستون البريطانية.
فى *المملكة المتحدة* ، يُتوقع أن يتسبب هذا التوجه الأمريكى فى *انكماش اقتصادى* بنسبة 1٪، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية تشمل رفع الضرائب أو خفض الإنفاق. أما *الاتحاد الأوروبى* ، فتشير التوقعات إلى أنه سيوجه ضربات انتقامية نحو شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة.
لكن القصة لا تنحصر فى *تعريفات جمركية* أو عجز تجارى. ما يفعله ترامب هو تحدٍّ مباشر لفكرة *العولمة* ذاتها. وكما صرّح نائبه، جى دى فانس، فإن الإدارة ترى أن العولمة فشلت لأن الدول الغنية لم ترتقِ كما كان متوقعًا، بينما نمَت اقتصادات مثل *الصين* بشكل مذهل على حساب أمريكا.
ويقدّر بعض مستشارى ترامب أن *الإيرادات الجمركية* الجديدة قد تصل إلى مئات المليارات من الدولارات سنويًّا، إلا أن *الاقتصاديين* يحذرون من أن هذه العوائد ستكون مؤقتة، وسيتحملها فى المقام الأول المواطن الأمريكى من خلال ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، إضافة إلى تراجع الاستثمار الأجنبى، والمحلى أيضًا.
*تبدو واشنطن وكأنها تراهن على تفكيك النظام العالمى الحالى* لإعادة تشكيله وفق مصالحه، وما بدأه *ترامب* فى «يوم التحرير» قد لا يكون مجرد فصل جديد فى سياسة أمريكا *الاقتصادية* ، بل نقطة تحول جذرية فى النظام العالمى، تمهد لصراع تجارى واسع المدى.