كتبت نجوى نصر الدين تصدير الأزمات من غزة إلى الثورة السورية وتأثيرات الصراعات الإقليمية على استقرار العالم العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتعدد الأزمات وتتداخل بشكل معقد، مما يخلق بيئة من الفوضى وعدم الاستقرار. من غزة إلى الثورة السورية، مرورًا بتصدير الأزمات إلى مصر والمغرب العربي، يظهر أن هناك محاولات من قوى مختلفة لاستغلال الأزمات السياسية والاجتماعية في مناطق معينة بهدف تحقيق مصالح خاصة أو تنفيذ أجندات دولية. أحد أبرز مظاهر هذه التفاعلات هو استخدام التنظيمات مثل جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم “داعش” لتحقيق أهداف تقسيمية في المنطقة . وحاولت فى هذا المقال أن أسلط الضوء على هذه الظواهر ونعرض تبعات تصدير الأزمات من غزة إلى الثورة السورية وتوترات المغرب العربي ، مع النظر في آثار هذه الأزمات على مستقبل الاستقرار الإقليمي والدولي. تعد غزة نقطة محورية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تحتدم الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة. لكن هذه الأزمات لم تقتصر على حدود غزة فقط. ففي أعقاب اندلاع الثورة السورية عام 2011، دخلت الجماعات المتطرفة وتنظيم “داعش”، على خط الأزمة السورية، مستغلة الوضع غير المستقر في المنطقة. ومن خلال الدعم المالي والعسكري من بعض الدول الإقليمية، تمكنت هذه الجماعات من تنفيذ عمليات تقويضية وتفجيرات، ما أسهم في تشظي سوريا ودخولها في حرب أهلية دموية. استغلال التنظيمات الارهابية وداعش لتقسيم سوريا لقد كانت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا منذ عقود جزءًا من المشهد السياسي المعارض لنظام الأسد، لكن في مرحلة الثورة، استغل تنظيم “داعش” والإخوان هذه الفراغات الأمنية والسياسية لتحقيق مصالحهم. أدى هذا إلى تدهور الوضع السوري أكثر حيث قامت هذه الجماعات بإنشاء إمارات متطرفة وتحقيق فوضى أدت إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة، مما ساهم في تفاقم معاناة المدنيين كذلك فإن بعض الفصائل المسلحة، سواءً في سوريا أو في دول أخرى تتحكم في مناطق استراتيجية وتحاول تكييف الوضع لصالح أجنداتها الخاصة. ومصر كانت أحد أبرز الدول التي تأثرت بتصدير الأزمة من غزة، خصوصًا في أعقاب انتهاء حكم الإخوان المسلمين عام 2013. من ناحية أخرى كانت هناك محاولات لتهجير بعض الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة، حيث تم تصويرهم كلاجئين يبحثون عن ملاذ في مصر والبلدان العربية الأخرى. هذه السياسات لم تؤدِ إلى نتيجة إيجابية، بل ساهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية في مصر وفي دول أخرى مثل الأردن ولبنان. الأزمات تمتد للمغرب العربي وتوطين أفارقة جنوب الصحراء الأزمات في المنطقة لم تقتصر على دول المشرق فقط، بل امتدت أيضًا إلى شمال أفريقيا. فالتوترات التي نشأت في ليبيا ساعدت في تصدير الفوضى إلى دول الجوار، بما في ذلك الجزائر والمغرب. من جانب آخر، زادت محاولات بعض القوى الدولية في استغلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لتوطين مهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء الكبرى في المنطقة المغاربية. ما لبث أن خلق هذا الوضع مشكلات إضافية تتعلق بالاستقرار الاجتماعي والسياسي في دول المغرب العربي. والآن نحن نريد أن نعرف إلى أين يتجه هذا العالم الوضع الراهن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يوحي بآفاق قريبة لحل الأزمات المتشابكة. بل على العكس، قد تستمر الأزمات في تصدير الفوضى إلى مناطق جديدة. يمكن أن نلاحظ أن تصدير الأزمات أصبح سمة بارزة في السياسة الإقليمية والدولية، حيث تستخدم القوى الدولية والإقليمية الأزمات لتحقيق مصالحها، وهو ما يهدد الاستقرار في المنطقة. إن تصدير الأزمة من غزة إلى سوريا، مرورًا بتوتير الوضع في مصر والمغرب العربي، يكشف عن حقيقة مريرة، ألا وهي أن المنطقة العربية تواجه تحديات مستمرة تؤثر بشكل مباشر في الأمن والاستقرار. في ظل تزايد التدخلات الإقليمية والدولية، من الصعب التنبؤ بمستقبل المنطقة، ولكن المؤكد أن الطريق إلى الاستقرار يتطلب تنسيقًا حقيقيًا بين الدول والمجتمع الدولي والعمل على حل الأزمات بشكل جذري بعيدًا عن الاستغلال السياسي. إن الأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل تحديًا كبيرًا أمام الاستقرار الإقليمي والدولي. من غزة إلى سوريا، مرورًا بتوترات شمال أفريقيا، تكشف هذه الأزمات عن تداخلات معقدة تستغلها بعض القوى لتحقيق مصالحها. وعلى الرغم من ذلك، يبقى الأمل في أن تتحقق جهود حقيقية لحل هذه الأزمات بطريقة سلمية تراعي مصالح جميع الأطراف وتحافظ على الاستقرار الإقليمي. تحياتي نجوي نصر الدين