ربما يتصور البعض أن نتائج *القمة العربية* الطارئة التى انعقدت أخيرًا ومؤخرًا فى القاهرة قد ترسم مستقبل فلسطين، شعبًا ودولة، وذلك فى خلفية تهديدات الرئيس الأمريكى *ترامب* بطرد أهل غزة وتحويلها لمنتجع *وإنهاء حلم الدولة الفلسطينية* . وقد يتوهم آخرون أن عدم الاتفاق على القضية الفلسطينية بين قادة الدول العربية هو مربط الفرس.
ولكن حتى وإن كانت القمة العربية مخصصة لمواجهة الرد على *خطر التهجير* ورفضه، وحتى إن كانت القضية الفلسطينية هى محور أعمال القمة، رغم هذا وذاك فإن ما على المحك الآن ليس *فلسطين* ولا الفلسطينيين وحدهم.. وكل من يتوهم ذلك فهو إما مخدوع أو مخادع.
ما على المحك الآن هو الدول العربية ومستقبل الوطن العربى وشكل المنطقة الآن وبعد عدة خطوات من عمر الدول، وعلى رأى الشاعر العراقى الكبير مظفر النواب ( *لا أستثنى أحدًا* ).
*على المحك إرادة وقوة وقدرة العرب على تشكيل مصيرهم ولعب دور فاعل فى حياة ومستقبل شعوبهم.*
ومن يدرس التاريخ جيدًا يدرك على الفور أننا أمام لحظة مفصلية فى تاريخ العرب، وليس فى مستقبل الفلسطينيين أو مشروع الدولة الفلسطينية. وكل انتصارات العرب على ندرتها كانت نتيجة *لحظة تاريخية* فهمت فيها الدول العربية، شعوبًا وقادة، أن مصيرها مرتبط بوحدة المقاومة، وأن الحشد وإظهار قوتهم كان الطريق للانتصار.
خذ عندك معركة *حرب السويس* فى عام ١٩٥٦ أو معركة مصر فى مواجهة العدوان الثلاثى، وقف العرب بجانب مصر، وحين انتصرت مصر انعكس ذلك الانتصار على أوضاع الوطن العربى (رغم الخلافات بين بعض الأنظمة العربية).. ساهم ذلك الانتصار وقيادة مصر للعالم الثالث من خلال *فكرة عدم الانحياز* فى تحرير دول عربية من الاحتلال.
وحين نادى الزعيم جمال عبدالناصر فى القاهرة ( *بترول العرب للعرب* ) حصلت الدول العربية البترولية على حقها المشروع فى ثرواثها، وتغيرت أوضاع شعوبهم إلى الأفضل.
وبفضل هذه الثروات استطاع العرب مساندة مصر وسوريا فى حرب أكتوبر، وأطلق الراحل *الشيخ زايد* مقولته القومية ( *الدم العربى أغلى من البترول العربى* ). ودخل البترول كسلاح قوى فى الضغط على دول أوروبا ومن ثم أمريكا.
مرة أخرى أدرك العرب أن المخطط المرسوم لمصر بعد ركوب الإخوان *ثورة يناير* هو نموذج قابل للتكرار فى دولهم، فكشروا عن أنيابهم واستخدموا قوتهم الاقتصادية لدعم الموقف المصرى.
نحن الآن كعرب علينا أن نقرر *هل من حقنا إدارة مستقبلنا بحرية؟* *هل هناك منتجعات أخرى فى مناطق بالوطن العربى سيحددها (مستر) ترامب وتابعه نتنياهو؟*
*هل سنعود إلى عصر الجزية،* ويكون كل بلد عربى ثرى مطالبًا بدفع (كام مليار دولار) من ثروته سنويًا تحت شعار (فلوسهم كتير) بحسب تعبير ترامب؟ أو بالأحرى هل سيفقد العرب حقهم فى بترول العرب بعد أكثر من ٧٠ عامًا على صيحة عبدالناصر *(بترول العرب للعرب)؟*
نحن الآن أمام نفس السيناريو الاستعمارى الذى فرضه الغرب على الدول العربية فى القرنين التاسع عشر والعشرين. إعادة تقسيم المنطقة باختراع دويلات.. وسرقة ثروات المنطقه عينى عينك.
باختصار، يا سادة نحن أمام لحظة مصيرية لإعادة التاريخ الاستعمارى بمنتهى منتهى البجاحة. ولا أستبعد أن يطالب مستر ترامب الدول العربيه بتعيين مستشار مالى أمريكى لتنظيم نهب ثروات العرب..
المطلوب الآن من العرب أن يدفعوا *الجزية* مالًا من ثرواتهم، ودمًا من شعوبهم، وقطعًا من أراضيهم. باختصار أن *يموتوا بدون كرامة* أو حتى ثمن. ربما تكون فلسطين على رأس القائمة الآن.. الخطوة الأولى لمستر ترامب، ولكن لا يوجد عاقل قارئ للتاريخ يتصور مجرد تصور أن ترامب سيكتفى بغزة أو فلسطين.
*مرة ثانية وعاشرة، مستقبل العرب على المحك، كل العرب مهما اختلفت توجهاتهم وقدراتهم* .
*مرة ثانية وعاشرة، الآن لم تعد فلسطين قضية أو معضلة العرب بل هى الطريق الوحيد لإنقاذ العرب. إقامة دولة فلسطين هى النافذة الوحيدة لإنقاذ كل، وأكرر كل، الدول العربية* .