كتبت نجوى نصر الدين ماذا لو ؟! تم تحويل التعليم والصحة من خاص الى عام وتم إلغاء المدارس والمستشفيات الخاصة
تعتبر الصحة والتعليم من أبرز الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها كل فرد في المجتمع، وهم يشكلون أساسًا لبناء مجتمع مستقر وقوي. لكن في ظل الأوضاع الراهنة، أصبح من الواضح أن وجود المؤسسات الخاصة في هذين القطاعين قد أوجد فجوة عميقة بين الطبقات الاجتماعية. في هذا المقال، سأناقش مقترحاً قد يبدو جريئًا ولكنه قد يكون فى مصلحة المجتمع على المدى الطويل، وهو تحويل التعليم الى حكومى أو بمسمى آخر وطنى محاكاة بتجربة فنلندا المصنف الأول عالميا في التعليم والصحة إلى نظام عمومي وإلغاء المدارس والمستشفيات الخاصة. هذا القرار قد يسهم في ضمان المساواة بين جميع أفراد المجتمع، ويساعد في بناء دولة أكثر عدلاً وتقدمًا.حيث تعتبر المدارس الخاصة من أبرز مظاهر التفاوت الاجتماعي في نظام التعليم، حيث تتاح الفرصة للأسر الغنية لإرسال أبنائهم إلى مدارس تتمتع بمرافق تعليمية أفضل، ومعلمين ذوي كفاءة أعلى. بينما يواجه أبناء الأسر ذات الدخل المحدود تحديات كبيرة في الحصول على تعليم جيد، مما يعمق الفوارق بين الطبقات الاجتماعية. وتحويل التعليم إلى نظام عمومي يمكن أن يساعد في عدة نقاط:
1. المساواة في الفرص: عندما يكون التعليم عامًا، سيتاح لجميع الأطفال، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي، الحصول على نفس الفرص التعليمية. سيؤدي ذلك إلى تقليل الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وتحقيق العدالة.
2. تحسين جودة التعليم: بدلاً من الاعتماد على المدارس الخاصة، التي تركز أحيانًا على الربح أكثر من تحسين جودة التعليم، يمكن للدولة أن تضمن تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة لتحسين المدارس العامة. وسيكون هناك اهتمام أكبر بتدريب المعلمين، تطوير المناهج، وتحسين المرافق المدرسية. 3. تعزيز الهوية الوطنية: التعليم العمومي يعزز من مفهوم الوحدة الوطنية والهوية المشتركة، حيث يدرس جميع الطلاب معًا في بيئة تعليمية واحدة، ما يسهم في تعزيز التماسك الاجتماعي. أما عن إلغاء المستشفيات الخاصة المستشفيات الخاصة هي جزء آخر من النظام الذي يعمق التفاوت الاجتماعي. ففي حين يستطيع الأغنياء تلقي رعاية طبية عالية الجودة، يعاني الفقراء من نقص في الخدمات الصحية أو حتى من سوء العلاج بسبب تكلفة الرعاية الصحية. تحويل الرعاية الصحية إلى عمومية يمكن أن يقدم حلاً لهذه المشكلة من خلال: 1. تحقيق العدالة الصحية: بإلغاء المستشفيات الخاصة، يتم ضمان تقديم الرعاية الصحية لجميع المواطنين دون استثناء. سيحصل كل شخص على نفس مستوى الرعاية الصحية، بغض النظر عن دخله أو وضعه الاجتماعي، مما يؤدي إلى تحسين الصحة العامة وتقليل الفوارق الصحية بين الطبقات الاجتماعية. 2. تقليل الضغط على الطبقات الفقيرة: كثير من الأسر ذات الدخل المحدود لا تستطيع تحمل تكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة. بتوفير رعاية صحية عمومية، يتم تخفيف العبء المالي عن الفئات الفقيرة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم. 3. رفع مستوى الخدمات الصحية: كما هو الحال في التعليم، يمكن للحكومة تخصيص الموارد اللازمة لتحسين مستشفيات القطاع العام، من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتدريب الأطباء والممرضين، وتوفير المعدات الطبية الحديثة. أما بخصوص التحديات المحتملة وكيفية معالجتها من المؤكد أن التحول إلى نظام عمومي في مجالي الصحة والتعليم سيواجه العديد من التحديات، وأهمها:
1. التمويل: سيكون هناك تحدي كبير في تمويل هذه الخدمات بشكل كافٍ. ولكن من الممكن معالجة ذلك عن طريق زيادة الضرائب على الفئات الأعلى دخلًا، وتخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة في القطاعين.
2. إدارة النظام: إدارة النظام العمومي بشكل فعال يتطلب كفاءة عالية من الحكومة. من الضروري أن تضمن الدولة أن يتم توزيع الموارد بشكل عادل، وأن تكون هناك آليات لمراقبة وتحسين الجودة باستمرار.
3. مقاومة التغيير: بالطبع، ستواجه هذه الفكرة مقاومة من قبل أصحاب المصالح الخاصة، مثل المدارس والمستشفيات الخاصة. ولكن من خلال الحوار المجتمعي، يمكن توعية الناس بأهمية هذا التحول وتحقيق المصلحة العامة.
وبخصوص التأثيرات الإيجابية على المجتمع
إذا تم تطبيق هذا النظام بشكل صحيح، فسيكون له تأثيرات إيجابية على المجتمع:
1. تحقيق المساواة الاجتماعية: بإلغاء المدارس والمستشفيات الخاصة، سيحصل كل أفراد المجتمع على نفس الفرص والخدمات، مما يعزز من شعور المساواة والعدالة.
2. تعزيز التنمية البشرية: من خلال توفير تعليم وصحة عامة للجميع، ستزداد قدرة الأفراد على تحقيق إمكاناتهم الكاملة، مما يسهم في تعزيز التنمية البشرية للمجتمع.
3. تقوية البنية الاجتماعية: في النهاية، النظام العمومي سيعزز من تماسك المجتمع، حيث سيشعر الأفراد أنهم جزء من مجتمع يسعى لتحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراده. يعد تحويل التعليم والصحة إلى نظام عمومي وإلغاء المدارس والمستشفيات الخاصة خطوة جريئة ولكنها ضرورية لضمان المساواة والعدالة في المجتمع. من خلال هذا النظام، يمكن للدولة أن تضمن تقديم الخدمات الأساسية للجميع دون تمييز، وأن تساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وتقدمًا. وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجه هذا التغيير، فإن الفوائد التي سيجنيها المجتمع على المدى الطويل ستفوق بكثير أي صعوبات قد تحدث. تحياتي نجوى نصر الدين