كتبت نجوى نصر الدين ابن خلدون والعدالة ابن خلدون هو ذلك الفيلسوف العبقرى الذى أطلق حكمة خالدةيتردد صداها في آفاق الفكر والعدل وهى “العدل إذا دام عَمَّر، والظلم إذا دام دَمَّر!”، كلمات وجيزة في مبناها عميقة في معناها تختزل فلسفة الحياة والحكم، وتضع ميزان الحق فوق كفة الجور.
إنَّ العدالة هي سر بقاء الحضارات، وهي القوة التي تحفظ المجتمعات من الانهيار. فالعدل ليس مجرد كلمة تُقال أو شعار يُرفع، بل هو روحٌ تسري في عروق الأمة، تحفظ كرامتها وتصون عزتها. وحين يكون العدل ثابتًا، يعمُّ الخير وتنمو الأوطان، ويستقر السلام.
أما الظلم فهو كالنار تأكل كل ما في طريقها لا تُبقي ولا تذر ينخر في جسد الأمة كالسوس حتى تتهاوى أركانها وتنهار أسسها. وإذا استمرَّ الظلم فلا ريب أنه سيفضي إلى الخراب لأنَّ الظلم يولِّد الحقد، ويزرع بذور الفتن، ويُثير الغضب في القلوب.
وفي سيرة سيدنا عمر بن الخطاب، الفاروق نجد مثالًا حيًا على تطبيق هذه الحكمة. فقد كان عمر بن الخطاب يُؤمن بأن العدل هو أساس الحكم، وأنه لا خير في ملك لا يُحسن العدل بين رعيته. كان يُدير دولة شاسعة بحكمة بالغة، ويُشدد على أن الحق يجب أن يُراعى في كل مكان، حتى وإن كان في أبسط الأمور. وعن عمررضى الله عنه يُقال إنه كان يجلس في أسواق المدينة ليشرف على أحوال الناس، ويقضي بين المتخاصمين، ويمارس العدالة بكل تجرد وشفافية لا يُميز بين أحد على أساس مكانته أو سلطته.
لقد كانت سيرته حافلة بالأمثلة التي تُجسد معاني العدالة. فقد عُرف عنه أنه كان يقول: “لو أنَّ دابةً تعثرت في العراق لسُئِل عنها عمر!” إشارة إلى مسؤوليته في ضمان الحقوق للضعيف قبل القوي. وتُظهر سيرته كيف أن العدل في الحكم لا يُنتج فقط الاستقرار بل يُغني الحياة ويزرع في الناس الطمأنينة.
وهكذا، فإنَّ في كلمات ابن خلدون وحكمة عمر بن الخطاب نجد تآلفًا عميقًا بين الفكر والممارسة. فبينما يقول ابن خلدون إن العدل إذا دام عَمَّر، يظهر لنا أن تطبيق العدالة في سيرة الفاروق كان له أثرٌ عظيم في بناء دولةٍ راسخة، استمرت في ازدهارها لقرون. فلنجعل العدل نبراسًا، ولنتذكَّر دومًا أنَّ دوام الظلم هو بداية انهيار أي مجتمع، مهما كانت عظمته. تمنياتي بعدالة راسخة فى كل مكان وزمان تحياتي نجوى نصر الدين