تؤكد الدراسات حول الأحداث الدولية المتواترة، أن إسرائيل الصغرى تتحكم في جميع مرافق إسرائيل الكبرى. لذا فلا تستغرب عزيزي القارئ على أن إسرائيل الكبرى ليست هي المشروع التوسعي الذي تخطط له إسرائيل الصغرى لضم مجموعة من الدول العربية الإسلامية المجاورة منها و البعيدة، بل يقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية التي تطبق إملاءات إسرائيل الصغرى، هذه الأخيرة بدورها تلتزم بتفعيل التعليمات الصادرة من المقر الأعظم بالمملكة المتحدة بلندن. في تبني سافر لتنفيذ خطط ممنهجة هدفها تكوين جيل من منعدمي الضمير وسفهاء دون المستوى. إنها خطة خاطئة، لأننا نعيش في عالم التكنولوجيا والعولمة، ولهذا وليطمئن أصحاب الأفكار الرجعية أن لا مكان لمناهجهم الظلامية بيننا رغم الضغوطات و التطبيع الفاشل مع الكيان الغاشم بشتى أشكاله في مختلف المجالات. حيث حاولوا استئصال نقطة التوازن للرؤية الفكرية للمثقف العربي من خلال تكديس المعارف في العقول بالتدييق على شمولية المفاهيم التي لا تتحقق إلا من خلال الأفكار التي تعمل على المعالجة والإدراك وامتصاص وتحيين ما تمت قراءته. هكذا و انطلاقا من أطروحة الإعلام الفاسد الذي يتم دعمه من أجل إقناع الناس بأن أخرسا قال لأصم أن شخصا أعمى شاهد رجلاً مشلولاً يركد وراء شيخ معوز مقطوع اليدين ليوقفه عن مشط شعر رجل أصلع. اعتبارا أن جوهر الأطروحة يثمن بجدية مدى القيود التي تعيق العقل العربي الذي ظل أسير منظومة فاسدة تشمل منعدمي الضمير من أبناء الشعب ومن يدبر الشأن العام. حيث تنحصر هذه القيود في: – الاستسلام لثقافة الخوف من أجل البقاء ذليلا في اقتناع تام بالخلود تحت عتبة الفقر المذقع. – اختراق الرأسمالية المادية و الغزو الفكري الحداثي الغربي للعقل العربي الحساس. – التمسك بالتفاهات من بدع وفساد و إلهاء و ضياع للوقت. – الابتعاد عن العقيدة الثابتة والحضارة كجزء من التراث الذي يمثل حلقة وصل بين الأصالة والمعاصرة. – التأثير بالأفكار الغربية و ازدواجية الثقافة و تمسكه بالاديولوجيات السلبية النمطية دون مبررات. – اعتقال الأفكار بين الردة في اتخاذ القرارات والجبن في تنفيذها. – ارتداء بذلة سوداء ليست على المقاس بمنظور سلبي للحياة تشاؤما من مجريات الواقع. – فتح الباب أمام الرياح العاتية التي تأتي من الغرب والشرق دون استئذان لاستنزاف ما تبقى من التفكيك الأسري. – التطلع إلى المستقبل و بناء تصورات مغلوطة انطلاقا من الماضي المرير. – الاستسلام إلى الإملاءات الخارجية تحت ذريعة الحريات والتفتح الحضاري والتقدم التكنولوجي. – التبعية الفكرية في التمسك بمخاطر التقليد الأعمى – ترك المجال لمن هب ودب في تدبير شؤون الأمة من حثالة فاقدي الأهلية و ذوي السوابق. فمما لا شك فيه، أن جميع الدول العربية تزخر بخيرات طبيعية هائلة و طاقات بشرية كبيرة من كفاءات علمية ويد عاملة متطورة في مختلف التخصصات، لكن شعوبها تعيش الفقر والتهميش والحروب والمآسي. فرغم أن الأسباب واضحة للعيان يظل السكوت والخوف سيد الموقف في انتظار المجهول. يقول الفيلسوف والكاتب الروماني / أميل سيوران: “لأننا فشلنا في خلق إنسانٍ يفكّر، لم يتكوّن لدينا شعب، بل تشكّل لدينا جمهور، جمهورٌ مصفق، وجمهورٌ لاعن، يصفّق مرة، ويلعن مرة! لكنه لا يفكّر. فعندما يتجاوز الخيال الواقع بعقد الصلح مع التفاهة تصبح المعاناة جزء من الحياة تخلص الذات من التفكير في الملذات. تاركة لها المجال من غرض ترتيب الأولويات في مراجعة و تصنيف الأحداث. و التعميم في أحكام لغة الجهل، لكن هذا لا ينفي أن وسائل التواصل أتاحت الفرص لجحافل المرتدين و السفهاء؛ أن يتحدثوا وكأنهم علماء. لذا، ضع خططك في صمت ودع النجاح يحدث الضجيج. هكذا، عندما تختلف المعادلات في وطنك ويستحيل عليك استعمال أصابعك العشرة في عمل شريف، حين تفقد الكرامة فلا تجد مستشفيات للعلاج ولا مدارس للتعليم ولا عدالة للإنصاف، فعندما تصبح الرذيلة فضيلة وعندما تفقد رغيف الخبز فيصبح الصغير كبيرا، ويصبح الكبير صغيرا، قاوم أو هاجر. لأن الوطنية من تأليف السياسيين لكي يتشبت بها العامة من أجل الدفاع عن الفكرة بالغالي والنفيس في حين يستغلون الأوضاع لنهب خيرات الوطن. فالموت لا ينتظر نزاهتك ، كن نزيها ثم انتظر الموت.