لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
اعتدنا في تاريخ الدول، أن الإفراج عن وثائقها التاريخية لا يحدث قبل مرور 25 عاماً على الحدث، إلا أن الممارسات السابقة، أثبتت القِصر النسبي لتلك المدة، في عمر الأمم، لعدة أسباب منها استمرار تأثير حدث بعينه على مجريات الحاضر، حتى بعد 25 عاماً على وقوعه، وكذلك بقاء بعض الشخصيات، من الملوك والرؤساء، ليس فقط على قيد الحياة، وإنما في مناصبهم، لذا ظهر ميثاق جديد، بأن الإعلان عن الوثائق، لا يتم إلا بعد مرور خمسين عاماً.
وفي العام الماضي، ظهرت فكرة الإفراج عن وثائق حرب أكتوبر، بعد مرور خمسون عام على انتصارنا فيها، لإثبات حقيقة النصر، ولإخراس الألسنة، التي تحاول استغلال تعاقب الأجيال، بالتشكيك في هذا النصر العظيم. وفي العام الماضي، أيضاً، قررت إسرائيل نشر وثائق نفس الحرب، إلا أنها نشرت ما يعزز ادعاءاتها بالنصر، وحجبت ما يؤكد خسارتها وفشلها، ويدين قادتها.
ولعل أوضح الأدلة على ذلك، إخفاء إسرائيل، حتى يومنا هذا، تقرير “لجنة أجرانات”، التي شكلتها القيادة الإسرائيلية، بنفسها، للتحقيق في أسباب قصور الجيش الإسرائيلي، في حرب 1973، والتي عُرفت في الإعلام الإسرائيلي باسم “لجنة التقصير”. ولمن لا يعلم، فقد كان من ضمن قرارات تلك اللجنة عزل رئيس الأركان الإسرائيلي، في حرب 1973، ديفيد أليعازر، من منصبه، ومعه مدير المخابرات الإسرائيلية، إلياهو زعيرا، وقائد الجبهة الجنوبية في سيناء، شلومو جونين، ومعهم ثلاثة من ضباط المخابرات العسكرية الإسرائيلية، لإدانتهم بالتقصير في الحرب، أما باقي القرارات فلم تخرج للنور، حتى الآن.
ومن جانبها، أصدرت وزارة الدفاع المصرية، في العام الماضي، قراراً بتشكيل لجنة من خمسة عشر عضواً، من قادة حرب أكتوبر، لمراجعة الآلاف من وثائق الحرب، وتصنيفها إلى ثلاثة أنواع أو درجات من الوثائق، وفقاً لدرجة سريتها، وأهميتها. الدرجة الأولى، وهي الوثائق التي سيتم عرضها على الشعب، لعدم تأثيرها على أي من الأبعاد الاستراتيجية للأمن القومي المصري، والدرجة الثانية، فهي الوثائق التي يقتصر الاطلاع عليها على ضباط القوات المسلحة لأغراض الدراسة والبحث والتحليل، أما وثائق الدرجة الثالثة، فيحظر نشرها، تماماً، لما لها من تأثير على الأمن القومي المصري.
أذكر في أول اجتماع للجنة، أن قلت لأعضائها أنه لو كانت جائزة نوبل تُمنح في مجال التخطيط الاستراتيجي، لاستحقها، عن جدارة، من اختار أعضاء تلك اللجنة، لتوفيقه في مراعاة مختلف الأبعاد، بضم ممثلي كافة أسلحة القوات المسلحة المصرية، مع مراعاة خبراتهم العملية والعلمية، سواء أثناء حرب أكتوبر 73، أو ما بعدها.
لقد بدأ العام الثاني لمهمتنا، ولا زلنا نفحص وندرس الوثائق المعروضة علينا، وسط ابتهالاتنا ودعواتنا لله بالتوفيق في مهمتنا، ليطلع شعب مصر، والعالم، على حقيقة تحقيق النصر بأيادي أبطال مصر.