استيقظ السوريون منذ أسبوع على *زلزال سياسى* لم يكن فى توقعاتهم
*وما كان لأحد أن يتنبأ بوقوعه. من كان يتصور أن نظام الأسد الذى حكم سوريا أكثر من نصف قرن سينهار فجأة؟، وأنه سيفر إلى روسيا لاجئا سياسيا*
وتستسلم قواته أمام الفصائل المسلحة التى توغلت بسرعة البرق فى سوريا لتحكم قبضتها على مدنها وعاصمتها لتلقى فيها الترحيب والورود؟.
ما كان لبشار الملقب *«بجزار سوريا»* سوى اللجوء إلى روسيا وما كان لبلد آخر أن يستضيفه لاجئا. سيطرت الفصائل على *دمشق* وفتح زعيمها *«محمد الجولانى»* سجون الأسد وحرر منها أكثر من مائة ألف سجين من بينهم عدد هائل من الرجال والنساء بأطفالهم
وسجناء أودعوا فى السجن وأعمارهم لم تتجاوز العشرين ليخرجوا منها على أعتاب السبعين!.*
احتشد السوريون فى المدن يهللون فرحا وحبورا لرحيل الطاغية وهم يهدمون تماثيله ويحرقون صوره وليرحبوا بزعيمهم الجديد. وشاركهم فى الفرحة *اللاجئون المشردون* فى الخارج، وقد شدوا رحالهم عائدين إلى الوطن.
اختلط النحيب بالفرحة فى أعين من فقدوا ذويهم ودمرت مساكنهم على يد *الجزار* . بيد أن الصورة العامة لم تخل من التوجس والقلق مما يخفيه المستقبل
. *توالت أسئلة المحللين حول السيناريو المحتمل لمسار الأحداث فى سوريا*
. أترى سيكون شبيها بسيناريو الفوضى فى *ليبيا* أم السيناريو *الأفغانستانى* الطالبانى أو ربما السيناريو الدموى *العراقى* ؟. فصائل محمد الجولانى واسمه الحقيقى
*أحمد الشرع* ليست من نسيج أيديولوجى واحد. فإذا كانت أصول الجولانى تمتد إلى تنظيم القاعدة قبل أن ينشق عنها ليشكل *جبهة النصرة* ثم ينفصل عنها لاحقا ليشكل *هيئة تحرير الشام* ، فالفصائل الأخرى المتحالفة معه وإن كانت سنية الهوى مثله تنتمى إلى تيارات إسلامية مختلفة وقد تحالفت معه لإسقاط الأسد وتأسيس الحكم الإسلامى.
ولئن كان الجولانى مشهورا فى ماضيه بتشدده الأصولى وكان على علاقة وطيدة *بأبو بكر البغدادى* فى العراق وحارب فى صفوف القاعدة ضد القوات الأمريكية، ثم أدرجته واشنطن على قائمة الإرهاب ورصدت 10 ملايين دولار مقابل رأسه، فإن هيئته وخطابه الآن مختلفان. ففى أحاديثه للإعلام استخدم علانية اسمه الحقيقى *«أحمد الشرع»* بدلا من اسمه الحركى « *الجولانى* وقال: «إن المشروع الأكبر هو بناء سوريا أما هيئة تحرير الشام فهى جزء من هذا المشروع وقد تتفكك فى يوم من الأيام وهى ليست غاية بل وسيلة لأداء مهمة». تري …. *ما هي هذه المهمة المنشودة ؟؟*
حرص الجولانى فى خطاباته على طمأنة الأقليات المسيحية والكردية ودعا السوريين فى الخارج أن يعودوا إلى بلادهم. كان فى ثنايا خطابه حمولة دلالية تتجه إلى طمأنة الغرب وتبديد مخاوفه من نزعته الأصولية اللاصقة بشخصه، وإقناعه بأنه لم يعد الجولانى القديم وإنما هو الآن إنسان جديد يؤمن بالحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان.
اختلفت ردود الفعل حوله بين من دعا إلى رفع اسمه من قائمة الإرهاب ومن طلب التريث للحكم على أفعاله وليس أقواله. ولئن عج خطابه بتعبيرات براجماتية مطمئنة فهو لم يخل من مفردات دينية مقلقة تنطوى على مزيج من الدينى والسياسى رغم انتقاداته للأنظمة الدينية القمعية.
يضاف إلى ذلك أن فصائل الشرع تعتمد فى المقام الأول على معونة تركيا لها من السلاح والمال بل وفى تحركاتها عندما استغلت اللحظة الحاسمة التى انكمشت فيها إيران على نفسها بعدما حل الضعف بحزب الله– ذراعها القوية فى المنطقةـ وما منيت به من خسائر أمام إسرائيل فضلا عن انشغال روسيا بحرب باهظة التكاليف ضد أوكرانيا.
لا شك أن الشعب السورى قد تخلص من عهد بائد مقيت لكنه يمر الآن بمنعطف تاريخى خطير، فبلاده تتربص بها قوى خارجية عديدة وقد توالى عليه حكام أثملوه فى بداية حكمهم بالأحلام والوعود
، وبعد أن استتب لهم الحكم ألقوا به فى سجون لا يخرج الإنسان منها إلا إلى قبره.