تمثل الحياة الصراع الأزلي بين الوجود والعدم، ومن أجل تخليص الأذهان من الافكار الخاطئة،لابد من تنزيل الإشكالية في سياقها الشامل كحقيقة مطلقة تستند على نظرية اليقين حسب المعطيات التالية: – علم اليقين ما نتوصل إلى معرفته عبر الأخبار – عين اليقين ما نراه مباشرة بأم العين – حق اليقين ما نلمسه على أرض الواقع هذا النظام الوجودي المعرفي الضارب في جذور إرهاصات الاهتمام بأمر المعطيات الفكرية، يمثل المصالحة القائمة بين العقلنة والذاتية في وحدة المعنى لأن الفلسفة في بناءها المنطقي والنسقي لن تسقط الدين. لأن فلسفة جوهر الإلتزام تقف عند الاقتناع بعدم إضفاء صفة الإطلاقية على القيم والغاية التي يسعى المرء إلى إنجازها. من هذا المنطلق يجب تفادي الخلط بين الإلزامية والإلتزام وبين التنظير للفوضى والسعي إلى الحرية و تطوير الأفكار داخل نطاق التقاليد، لأن مكونات الفكر الفلسفي تستند إلى الدليل المادي والبرهان. وربما تسليما بهاته الحيثيات نستطيع القول بأن الكينونة تمثل الوجود بمتطلباته المادية التي لها صلة بالزمن والمكان في إطار الحركة والتفكير والعمل والإحساس والشعور، وبارتباطاته الروحية الإيمانية كذلك. كما يمثل الزمان عملية تقدم الأحداث بشكلٍ مستمر إلى أجل غير مسمى انطلاقا من الماضي مروراً بالحاضر وصولا إلى المستقبل، وهي عملية لا رجعة فيها يتعذر إلغاؤها. وبناء على ماسبق يمثل الموت واقعا يوميا تمهيديا يتجرعه المرء أثناء النوم، في انتظار الموت الموعود أو اليقين النهائي الذي يحسم وجود المكان والزمان الذي يخول استمرارية تشغيل الذات كمادة، باعتباره مرحلة نهائية إنتقالية للروح الطاهرة التي كانت تقبع في جوف الإنسان، من الحياة البائدة إلى الحياة الدائمة (عالم البرزخ)، حيث سيصبح لها وجودا أسمى وحياة أبدية أرقى، وذلك بعد مرور الجسد كمادة منتهية الوجود عبر جسر الموت، النقطة المفصلية من الكينونة والزمان إلى عالم الغيب الذي لا يخضع إلى مكان ولا زمان لتحديد موقعه و مساره.