كتبت نجوى نصر الدين
سقوط سوريا وهروب بشار
تعد سوريا واحدة من أبرز الأمثلة على تعقيد الأزمات السياسية والحروب الأهلية في العصر الحديث إذ مرّت البلاد بتطورات دراماتيكية منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011 والتي دمرت البنية التحتية وأثرت بشكل عميق على النسيج الاجتماعي والسياسي.
و الحديث عن “سقوط سوريا” و”هروب بشار الأسد” هو موضوع شائك ومعقد، إذ لا يقتصر على مجرد تغييرات سياسية، بل يشمل الانقسامات الإقليمية والدولية، وصراعات داخلية طاحنة، وتداعيات إنسانية بالغة.
فمنذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011 ضمن موجة الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي (الربيع العربي)، مطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذه الاحتجاجات التى سرعان ما تحولت إلى صراع مسلح بين قوات النظام السوري والمعارضة
مما دفع البلاد إلى هاوية من العنف والدمار.
حيث فشل النظام السوري في احتواء الاحتجاجات السلمية كما أن استخدام القوة العسكرية المفرطة فى بداية الأزمة مؤثرا قويا أثر على كافة مناحي الحياة في البلاد.
كما أدى الصراع إلى تدخل قوى إقليمية ودولية تتنافس على التأثير في مصير سوريا
وعلى رأس هذه القوى كان الدعم العسكري الروسي لنظام بشار الأسد الذي شكل فارقًا حاسمًا في المعركة ضد المعارضة المسلحة وساهم في بقاء الأسد في السلطة ومن جهة أخرى، دعمت دول غربية وعربية مثل الولايات المتحدة وتركيا وبعض دول الخليج فصائل المعارضة السورية، مما أسهم في تعقيد الصراع وأدى إلى استمرار الحرب لسنوات.
أصبح الوضع في سوريا معقدًا للغاية حيث نشأت جبهات متعددة: جبهة النظام السوري، جبهة المعارضة المسلحة، جبهة الأكراد، والجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش
بالإضافة إلى الأبعاد الطائفية والعرقية التي أضافت بعدًا آخر إلى النزاع. ومن ثم، ظهرت سوريا كمسرح لصراع مفتوح بين القوى العالمية والإقليمية.
جدير بالذكر أن سوريا كانت قبل الحرب دولة ذات اقتصاد يعتمد على القطاعات الزراعية والصناعية والنفطية.
لكن النزاع أضر بشكل هائل بالاقتصاد الوطني، حيث تدمّرت المدن الكبرى مثل حلب، دمشق، واللاذقية، وأدى نقص الموارد إلى أزمة إنسانية خانقة، بما في ذلك نقص المواد الأساسية مثل الغذاء والماء والكهرباء.
تدمير البنية التحتية لقطاع النفط والمرافق الحيوية جعل من الصعب إعادة بناء الاقتصاد حتى مع بعض محاولات إعادة الإعمار التي قادتها بعض القوى الدولية المساندة للنظام.
كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري منذ بداية الحرب، بما في ذلك عقوبات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كانت تعيق أي محاولة لإعادة بناء الاقتصاد.
ومع تزايد الضغط العسكري والسياسي أدت إلى هروب بشار الأسد من السلطة خاصة في ظل الحديث عن تراجع قوات النظام في بعض المناطق والتطورات السياسية في المنطقة
ويعد سقوط بشار الأسد نقطة تحول هائلة في مسار الصراع السوري ولكنه لن يعني بالضرورة نهاية الأزمة.
حيث ستواجه سوريا العديد من التحديات، سواء في عملية الانتقال السياسي أو في إعادة إعمار البلد الذي دُمر خلال سنوات الحرب و قد تشهد البلاد فترة من عدم الاستقرار السياسي حيث سيصارع اللاعبون الإقليميون والدوليون على النفوذ في ظل غياب قيادة مركزية قوية.