يعكس التلوث اللغوي في مواقع الأدباء والمثقفين ووسائل التواصل الاجتماعي الفشل الذريع و المستوى الرديء لحالة الكاتب و كذا التباعد الفكري في الأداء والتحصيل، نتيجة الأسباب الرئيسة التالية: – توظيف آليات تقنية مبتكرة و تبني تعديلات متهالكة في المناهج الدراسية من غرض تسريع وتيرة تدهور المنظومة التعليمية وبناء قاعدة من الجهلاء يسهل التحكم بها. – مؤشرات علمية تؤكد مدى التأثير السلبي الذي يخلفه الولوج العشوائي إلى منصات التواصل الاجتماعي على سيكولوجية المتصفح لها. – العزوف على مستوى القراءة والكتابة و عدم الاستماتة من أجل استقلالية الرأي. – تأطير المخطط الغربي الذي يهدف إلى هدم أصول الفكر والثقافة العربية و تغيير مناهج اللغة العربية و عدم الاهتمام بقواعدها كجزء من التراث الحضاري الموروث، حيث اتجهت البوصلة نحو التمسك بباقي اللغات الأجنبية التي يطلق عليها إسم (اللغات الحية) عكس اللغة العربية التي تحتل رأس الهرم من حيث عدد المصطلحات حيث الدقة في تفعيل المرادفات، مع العلم أن اللغات الانجليزية والفرنسية تحتضن مجموعة من الكلمات باللغة العربية، كما هو عليه في الإسبانية التي تستعمل أربع مائة كلمة عربية في لغتها. – امتثال الأنظمة أمام الايديولوجيات الغربية البائدة التي تستهدف الهوية العربية وطمس معالمها الثقافية تدريجيا. – الاستمرارية في قمع واستهداف الأقلام الواعظة و النزيهة وقبعها في السجون بتهم جنائية جاهزة، هؤلاء الذين يحملون رؤية مصيرية وعبء فكري ثقيل يلتزم بقضايا الأمة بإخلاص وأمانة فكرية. – الاعتماد على تجييش المرتزقة وأصحاب السوابق العدلية و المتطفلين على الكتابة كأداة إعلامية تابعة للنخبة من غرض ترويج الأكاذيب والتفاهات والجدل المفتعل، الغاية من ذلك تضليل السواد الأعظم. إذ ليس اعتباطيا أن تكون الكتابة رهينة قواعد محددة و أخلاق عالية للكاتب تجعله مصدر ثقة وكفاءة، لها علاقة بالتجارب التي تأتي تدريجيا كصناعة في استيعاب الدروس من خلال القراءة الدؤوبة. فالأقلام الحقيقية لا تكتب من غرض المجد أو الشهرة أو المال أو بأي دافع ايديولوجي، بل تعتمد في تحريرها على الضرورة الملحة و جودة الإنتاج الإبداعي بجميع المقاييس البناءة. حيث أن الموهبة الأدبية الفطرية أو التقنيات الفنية المكتسبة وحدها غير كافية في تصنيف جودة الإنتاج الثقافي. لأن الأديب أو الكاتب الذي لا يتميز بأفكاره وأ سلوبه وموضوعاته، لن يحظى بإعجاب القارئ و اهتمامه. ولا يمكن أن تتقدم بنية المنهجية العلمية إلا عن طريق البحث ونعمة العقل، الذي باستطاعته جمع رصيد هائل من المعارف والعلوم، بعضها تقتصر على مجرد ملاحظة الظواهر بتحليل بسيط غير مقصود، فيما تراه العين وما تسمعه الأذن وما تلمسه اليد. لتظل المعرفة عبارة عن مجموعة المعاني والمعتقدات والأحكام والمفاهيم والتصورات الفكرية التي تتكون لدى الإنسان نتيجة لمحاولاته المتكررة لفهم الظواهر والأشياء المحيطة به، وهي بهذا المعنى لا تقتصر على ظواهر من لون معين وإنما تتناول جميع ما يحيط بالإنسان وكل ما يتصل به من هذا المنطلق يجب علينا تكريس جهودنا في تحصين اللغة العربية من باب الأخلاقيات والقواعد في إطار اليقظة والصرامة و الانخراط في ضمان أفق سليم يمتاز بتجديد البنية التعليمية و تحيين المقررات الملغومة لتفادي الخلل اللغوي المزعوم الذي تعج به مواقع التواصل الاجتماعي.