لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
تعريف بسيط للسياسة هي لعبة المصالح إذا كانت مصلحتك ان تتجه يمين فإن سياستك سوف تتجه إلى اليمين، والعكس صحيح، لذلك نتناول اليوم في هذا الموضوع، ماذا يريد الجميع من أحداث غزة وبمعنى أصح إنه هي مصلحة كل الطرف لكي تكون أساس بناء سياسته تجاه أحداث غزة.
في البداية نبدأ بالولايات المتحدة الأمريكية رغم أنها تؤثر على العالم كله وانها المفتاح الأساسي لحل كل مشاكل العالم كما قال السادات من قبل ان أمريكا لديها 95% من حل كل مشاكل العالم إلا أن الظروف الحالية الداخلية في الولايات المتحدة فهي الان في مرحلة انتخابات الرئاسة، وعموما كل ما تراه أمريكا حاليا هو أولا المحافظة على أمن إسرائيل، وهي الاستراتيجية الأساسية لأمريكا في أي عصر من العصور، وثانيا ما يريده جو بايدن الرئيس قبل 100 يوم من مغادرة البيت الأبيض، هو أن يتحقق السلام في الشرق الأوسط، حتى يقال أنه خلال فترة حكم أربع سنوات حقق إنجازا عالميا، وهو تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، خاصة إنه لم يحقق شيئا في أي اتجاه خاصة خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ومن هنا تعمل أمريكا الآن بكل قواتها للضغط على كل الأطراف، وأولهم نتنياهو لقبول اتفاق السلام، ويخرج جو بايدن من البيت الأبيض ليكون في تاريخه أنه حقق السلام في الشرق الأوسط.
أما العنصر الثاني فهي إسرائيل، التي تنقسم إلى قسمين الأول نتنياهو رئيس الوزراء وهدفه إطالة مدة الحرب، لأن السلام يعني بالنسبة له السجن أولا إنه سوف يتم مسألته عن أسباب قصور الجيش الإسرائيلي بعد حرب عشر شهور ضد حماس لم يحقق فيها أهدافه، فهو لم يقضي على حماس، ولم يحرر الرهائن، ولم يستولي على غزة ويؤمنها. ثانيا فأن أمامه ثلاث قضايا مدنية للفساد، ينتظر فيها تنفيذ الحكم بالسجن بعد مغادرته كرسي الرئاسة وذلك فور خروجه من الوزارة، ويواجه أيضا نتنياهو مشكلة أسر الرهائن التي تطالب يوميا من خلال مظاهرات في تل ابيب بالإفراج عنهم وثانيا، الوقوف أمام رغبة أمريكا، وأعني جو بايدن، الذي يريد السلام بأي طريقة بينما نتنياهو يرفض تحقيق ذلك.
والطرف الثاني في إسرائيل، وهو وزير الدفاع وباقي الحكومة، فالكل يريد توقف الحرب، وذلك لإخراج الرهائن من أيدي حماس، وإيقاف الحرب، لأن الجيش الإسرائيلي قد تعب من القتال، وتكبد خسائر كثيرة على كل الجبهات علاوة على الخسائر الاقتصادية التي تعاني منها إسرائيل عندما توقفت المصانع والشركات لوجود أفرادهم في خدمة الجيش الإسرائيلي في الاحتياط، ورغم أن أمريكا تعوض إسرائيل عن هذه الخسائر الاقتصادية، إلا أنه ما زالت اكبر خسائر لأصحاب المصالح في إسرائيل، كذلك هناك المهاجرين الإسرائيليين من المستوطنات حول غزة والمستوطنات حول جنوب لبنان، وهما حاليا 400 الف شخص، تركوا مستوطناتهم، و يعيشون حاليا في أماكن داخل إسرائيل، وحيث يطالب كل منهم كل يوم أن يعود إلى مستوطنتهم.
وبالنسبة إلى الفلسطينيين هناك السلطة في رام الله التي تريد أيضا السلام، ولكن بهدف آخر، وهو احداث اليوم التالي بعد انسحاب إسرائيل من غزة. حيث سيتم خلال ستة شهور إجراء انتخابات لإفراز حكومة تكنوقراط جديدة في غزة، وبالطبع لن يكون فيها حماس، وبالتالي تضمن حكومة السلطة في رام الله انضمام وعودة غزة إلى حضن السلطة الفلسطينية في رام الله، ولكن خوف السلطة في رام الله. وهو أن العالم يطالب حاليا بتغيير. عناصر وأفراد السلطة في رام الله، وأن عباس ورجاله يجب أن يرحلوا، وأنه يجب أن تكون هناك سلطة جديدة في رام الله من وجوه شابة تغير الفساد الموجود في السلطة الفلسطينية حاليا، على الرغم أنها غيرت رئيس وزراء فلسطيني جديد في رام الله، لكن أمريكا والعالم يطالب بالتغيير الشامل في السلطة الفلسطينية في رام الله .
ومن هذا المنطلق رحبت الولايات المتحدة بطلبات السنوار مؤخرا خلال المباحثات إيقاف اطلاق النار على ان يكون مروان البرغوثي واحمد سعدات من بين المفرج عنهم من السجناء الفلسطينيين في سجون إسرائيل على أساس انهم سوف يكونون طليعة العناصر الشابة في الحكومة الجديدة في رام الله
أما الشعب الفلسطيني نفسه فإنه يريد السلام أمس قبل اليوم وخاصة أهالي غزه خاصة الحالة السيئة التي يعيشونها بلا طعام وبلا مياه نظيفة وبلا مستشفيات، وكل يوم تحت الضغط والقذف الإسرائيلي، ووقوع القتلى والخسائر في مجازر يومية، والكل بلا مأوى، وأصبح الجميع الآن، يطالب بوقف إطلاق النار والتفاوض لالتقاط الأنفاس، ودخول المعونات الإنسانية، وبدأ إعمار غزة. وإعادة بناء البنية الأساسية من مياه وصرف الصحي، والكهرباء، وعودة المدارس، والمستشفيات والمنظمات الأممية المتحدة، مثل لأونوروا.
وبالنسبة لموقف الضفة الغربية من الفلسطينيين، وإن كانت ظروفهم المعيشة ليست بالسوء مثل أهالي غزة، لكن ظروفهم أيضا تسوء يوما بعد يوم، ولذلك يأمل الفلسطينية جميعا عودة السلام وإيقاف إطلاق النار.
أما الطرف الرابع فهو مصر، وأقول أنها ثاني المتضررين. من هذه الحرب، والأحداث في الشرق الأوسط، بعد الشعب الفلسطيني في غزة، وهدف مصر حاليا، هو إيقاف إطلاق النار وتحقيق السلام لأن مصر تتحمل أعباء هذه الحرب، حيث هناك ألف فلسطيني يتم علاجهم في المستشفيات المصرية، ومع كل منهم مرافق أو إثنين. وأن حجم المساعدات التي تصل إلى غزة 80% منهم من مصر، من قوت الشعب المصري، وأن القتال في باب المندب خسر مصر حاليا 5 مليار دولار، وهو نصف إيراد قناة السويس.
كذلك فان أعمال القتال في المنطقة قد أضرت بالسياحة المصرية ضررا كبيرا في الفترة الماضية، وهي أحد عناصر الدخل للخزينة المصرية من العملات الحرة. كذلك هناك استنفار الجيش المصري على الحدود الذي يمثل تحديا أيضا للأمن القومي المصري، كذلك أقامت مصر معسكرا لأهالي غزة في رفح وخان يونس من خلال الهلال الأحمر المصري.
ومن كل ذلك ترى مصر ضرورة إحلال السلام حتى نضمن استقرار الشعب الفلسطيني في غزة وأن تعود لهم الحياة الكريمة، ومن هنا فإن الجهود المصرية كوسيط مع الجانب القطري والولايات المتحدة في محاولة لسرعة وقف إطلاق النار وعودة الرهائن، وعودة الهدوء لغزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، والبدء في عمليات اليوم التالي بعد خروج إسرائيل من غزة وإعادة الأعمار هذه هي فكرة و سياسة مصر تجاه الأحداث.
وفي العدد القادم نقدم تحليل ورؤية لكل من إيران وأذرعها في المنطقة حزب الله وحماس ثم روسيا وباقي دول أوروبا.