فى كل عمل أدبى جديد تغرس الأديبة والشاعرة مريم توفيق بذرة فى حديقة الإبداع لتنبت شجرة باسقة تتزين أغصانها بأزهار المحبة والتسامح والوحدة الوطنية ومناصرة القضايا العربية.. وكانت آخر أشجارها اليانعة كتابا جديدا بعنوان “لصوص الأرض.. خيانة وغدر” الذى يمثل حلقة جديدة من حلقات التحامها بالقضايا العربية كونها واحدة من نسيج الشعب المصرى الذى عرف بمناصرته لقضايا الأمة وأحد الأقلام المتميزة على المستوى الفكرى والأدبي.. تتميز كتابات مريم توفيق باللغة النثرية الأقرب إلى الشعر، فتأخذك فى عوالم من الكلمات المضيئة والعواطف الجياشة فتشعر أنها تكتب بقلبها لا بقلمها.. وتُحس أنك أمام قصيدة طويلة وليس مجرد كتاب..
اختارت الكاتبة عنوان كتابها “لصوص الأرض” لتعبر عن القضية العربية الأم وهى قضية فلسطين وما يجرى فى غزة من فظائع يندى لها جبين الإنسانية وتطرقت إلى دور الشعب المصرى فى نصرة القضية على مر السنوات.. وزينت كتابها ببعض القصائد الشعرية التى جاءت فى ذات السياق بلغة راقية وحس شعرى مرهف. قدَّم للكتاب الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية قائلا: إن هذا العمل فصَّلت فيه الكاتبة ما يجول فى صدر كل انسان مما ينبغى عليه أن يفعله تجاه القضية الفلسطينية التى تحركت لها ضمائر أحرار العالم ممن رفضوا الظلم البين بعدما رأوا هذه الجرائم المكتملة الأركان على مرأى ومشهد العالم الصامت الذى تنازل عن جل مهامه فى نصرة الحق ومواجهة الباطل.
وفى مفتتح الكتاب تخاطب «مريم» مدينة القدس الباسلة قائلة: «يا قدس: غرامك فى دمنا قد عاش قرونا وقرونا، يكسوك بصفحات خلود، ويعيدك أعظم مدن الأرض وأنضر فيض من نور الخالق، تغمره بالعطر ورود، ويعيدك ـ يا أرض الإسراء، ويا مهبط روح القدس ـ سلامًا للإنسان، ورمزًا للأمل المنشود، ويداوى منك جراحًا أدماها جبروت الظلم، لتعودى أرضًا للطهر المفقود.. يا قدس: ستبقى ملائكة الرحمن تُظِلُّ سماءك بالتسبيح، وتملأ أفقك بالتحميد، وتمحو عن أزهارك أدخنة النيران، وتمسح عن زيتونك أدران الطغيان، فمهما طال زمان الظلم وليل القهر، سيأتى يوم يتحرر فيه الإنسان، يوم تعودين إلى عصر النور وعصر الحب، وعصر تسامح كل الأديان، يوم تزول رؤى صهيون، وتملأ أرضك أسفار ، وآيات القرآن».
ثم تناولت الكاتبة أبطالا حرروا القدس كصلاح الدين الأيوبى، لتنتقل إلى الحديث عن دور مصر بشعبها وجيشها وأزهرها الشريف وما فعلته من أجل الدفاع عن القضية ونصرة القدس على مر الزمان، قائلة: بجنودها وقواتها البواسل، وشعبها صاحب العزائم، وتاريخها العريق، وأزهرها المناضل؛ لنصرة الحق وإعلاء راية السَّلام، إنَّها مصرُ قلعةُ التَّاريخِ والحضارةِ التى لا تَقْبَلُ الخنوعَ ولا الهزيمةَ… وشعب مصر فى الجود والشيم كالصخر، كالنصل فى صدر كل من يضمر للأُباة أى شر، قواتنا المسلحة مجد وفخر فى كل عصر، أذاقوا الصهاينة من كأس الذل والانكسار، وتظل ملحمة العبور فى معركة المصير خير شاهد.
أما بنو صهيون لصوص الأرض ومنتهكو الحرمات فتقول عنهم: رحم الله الشهيد البطل أنور السادات الذى أسقط عنهم ورقة التوت حينما أعادهم بالبيجامات الكستور يتدثرون بالخنوع والاذلال يطل من أعينهم ألف سؤال فيأتيهم الجواب: فى ست ساعات رفع المصريون الرايات إلى عنان السماء، وصار أكتوبر أجمل الأعياد.. الجواب من المدمرة إيلات وبطل الحفار، الملاحم الوطنية لن تكفيها المجلدات.. وتخاطبهم قائلة: أبناء صهيون مغتصبى الحقوق! ليتكم تستقون من التاريخ العبر؛ فلا ظلم دام ولا بقاء لقاطع طريق، اليوم باغتكم المجاهدون فارتعدت بالخوف تل أبيب. لستم سوى ثلة من الدهماء تكمل السعى بالبطش، بالسير فوق الجماجم المعجونة بدماء الأرامل والأيتام، أنتم بلا أهداف نبيلة ولا طموحات تجنح نحو السلام، لا يستهويكم طى صفحة الماضى الملوث بعار السطو على أراضى غيركم بالاستيطان وأنتم ماضون نحو مشروع التهويد بخُفى حنين.
وتضيف: اليوم انتفض أصحاب الحق دفاعا عن الدين والعرض، قالوا: لن نترك من توحش ووجه الرصاص فى قلب الشباب افتراء، داسوا الأبرياء بالأقدام، بالعصىِّ والهراوات… لقد باتت الصهيونية خطرا داهما على كل الأديان السماوية، لكن لا لمحاولة صهيون المشبوهة بتزييف الحقيقة، لا للمكائد وفرض الأمر الواقع عاما بعد عام، لا للأطماع التوسعية الاستعمارية والإرهاب، لا لشريعة الغاب…
ووجهت حديثها لنتنياهو: يا قاتل الأطفال سنبقى غريبين بلا عنوان مهما وقعنا على الأوراق، كالنهار والليل لا أمل يلتقيان، ما بيننا نيران سكنت القلوب لم يعد يجدى السلام والاحضان…. وتخاطب أبناء غزة: عذرا.. العيب فينا؛ فقد بعنا فى المزاد وحدتنا، المشاعر أجدبت، ضللنا الطريق نحو صلاح أمتنا، بكلتا يدينا أطفأنا القناديل بعدما استُبيح دم الأطفال، سيكتب التاريخ: هنا كان الحب، الآن جرح وسهم مزق الأوصال، لكن ما زال فى القلب نداء؛ فالعروق براكين إذا ثارت دماء. يذكر أن الشاعرة والأديبة مريم توفيق تميزت بكتاباتها التى تؤكد على وحدة الشعب المصرى وتلاحم أبنائه مسلمين وأقباطا فرغم انها مصرية قبطية فقد ألحَّت فى كتاباتها على التعبير عن روح المحبة والوئام بين رموز الأديان وكتبت عن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وتناولت فى كتاب آخر القيم الإنسانية والفضائل التى تناولها الإمام الطيب فى برنامجه التليفزيونى الرمضانى.. ومن أشهر مؤلفاتها: على درب المحبة بين الأزهر والفاتيكان، إمام المصريين، محبة وسلام، من رياض الطيبين، من سنا العشق الإلهى… وغيرها.