بقلم /عارف نبيه
لا يخفي علي أحد أن لكل مدينة صفة تميزها عن غيرها، فعندما نتكلم عن ناطحات السحاب يتبادر إلى الذهن مدينة نيويورك، تلك المدينة التي لا تنام، و خاصة في أشهر ميادينها (تايم سكوير)و الذي به أكبر مركز تجاري ترفيهي في العالم و الذى يشتهر بأضوائه الساطعة و مسارح شارع برودواي. و تلك لندن التي أطلق عليها الجغرافيون مدينة الضباب ،و برغم ضبابها الدائم إلا أنها أعرق مدن العالم فهي حاضرة في الكثير من المسرحيات و الروايات العالمية و تشمل علي العديد من الجامعات و المتاحف و المسارح إلي جانب إحتواء ميادينها علي برج لندن و قصر باكنجهام و ساعة بيج بن.
و هناك مدينة فيينا عاصمة العراقة و أيقونة السحر و الجمال و الموسيقي و الأوبرا.
و إذا ذكرنا الزهور فلا شك ستكون عاصمة هولاندا(أمستردام) حاضرة في خيالنا لأنها تشتهر بسوق الزهور العائم و الوحيد في العالم.
أما باريس أو مدينة الجن و الملائكة – كما وصفها طه حسن – فقد اكتسبت شهرتها بأنها مدينة النور، لأنها أول مدن أوروبا تضاء بالكيروسين و كان ذلك عام ١٨٢٨.
أما مدينة المحلة الكبرى فقد اكتسبت شهرتها بأنها كانت- لزمن غير بعيد – قلعة لصناعة الغزل و النسيج في العالم و تنافس مصانعها مصانع يوركشاير في بريطانيا العظمي، و كانت عاصمة إقليم الدلتا الشمالي، و كان لها طابع خاص ميزها عن باقي مدن مصر، و لها تاريخ يفتخر به أبنائها، فقد عاش بها الاعيان و زارها ملوك و أمراء و رؤساء، و كانت تضم بعض الجاليات الأوروبية، و كان يتعايش فيها اليهود الي جانب الأقباط و المسلمين، و كانت تتمتع بالهدوء و النظافة و النظام إلي وقت غير بعيد، و لكن بمرور الوقت تم تهميش المدينة في جميع المجالات حتي هوت المدينة في مستنقع الفوضي و العشوائية في ميادينها و شوارعها، و اختفي جمالها و إنطفأ بريقها و لم يعد يميزها سوي حجافل التكاتك و التي إنتشرت في كل الميادين و الشوارع و الحواري، إنتشارا غير محمود، و الناظر الي المدينة من أعلي نقطة فيها سيري أسرابا من التكاتك تسير في عشوائية منتظمة، و أصبحت أعدادها بالآلاف برغم عدم احتياج المدينة لتلك التكاتك، فهناك السرفيس و تاكسي المحلة و هذا يكفي و خاصة في الشوارع الرئيسة و الميادين.
و حتي تعود المدينة الي سابق عهدها و تسترد شهرتها كقلعة للصناعة، و حتي يعود إليها جمالها و بريقها، و إلي ان يأتي قرار جرئ ينظم تلك العشوائية ستبقي مدينة المحلة الكبرى مدينة التكاتك !!.