*المعلم والمنظومة التعليمية*
*بقلم : محمد عتابي*
تمرُّ مصر بمنعطفٍ حرجٍ فى *تطوير التعليم* ، فإننا نحتاج بشكل عاجل إلى *بناء مستقبل* يختلف عن ماضينا ويتعامل بشفافية مع أخطائنا ومع عدم استدامة تطبيق سياساتنا التى نعلنها بل ونوثقها دستوريا ولا نلتزم بها.
*يأتى المعلّم فى الصدارة* ،
لانه وببساطة شديدة لا يمكن تطوير المنظومة التعليمية دون الاهتمام بالمعلم *ماديا ومعنويا* وأن تعود للمعلم هيبته وكرامته ومكانته دون الاحساس بمشاكله والعمل علي إيجاد *حلول خارج الصندوق*
*المصنع* هنا الذى ينتج أهم شخصية فى المجتمع هو كليات التربية، التى تُعد المعلم إعدادًا تخصصيًا وتربويًا، للتعليم وقيادة الأنشطة المدرسية المتضمنة فى استرتيجية الدولة لبناء الإنسان كما جاء فى المحور الرابع لرؤية التعليم ٢٠٣٠.
*كليات التربية العامة وتتواجد فى كل الجامعات وكل المحافظات، وهى تُعِدّ معلم المواد العلمية والأدبية والتربية الدينية، إضافة لمعلمى التربية الخاصة.*
*كليات التربية النوعية تُعد معلمين للمواد الفنية والموسيقية والتكنولوجية، وبعضها يعد إخصائيين للإعلام التربوى.*
*كليات التربية الرياضية وكليات التربية الفنية* .
*كليات إعداد معلم التعليم الصناعى.*
*كليات رياض أطفال، وتُعد معلمين وميسرين للحضانات ورياض الأطفال.*
هذا بالإضافة إلى بعض أقسام الكليات الأخرى، والبالغ عددها ٧٠ كلية، والتى تُعد معلمين للتعليم التجارى، وإخصائيين اجتماعيين، ومعلمى اقتصاد منزلى وتربية بيئية. وتمنح هذه الكليات درجات البكالوريوس والليسانس، بالإضافة إلى درجات الدراسات العليا مثل الدبلومات ودرجات الماجستير والدكتوراه.
وبالرغم من كل ما ذكرت فإن أغلب مدرسى الدروس الخصوصية، وهو نظام التعليم الموازى قد برعوا فى تقديم خدماتهم حسب متطلبات *أساليب التقويم، التى وضعتها الوزارة* ، ويحضر إليهم التلاميذ بالآلاف خارج إطار التعليم الرسمى الذى تقدمه الدولة ولا مانع عند الأهالى من سداد تكلفة باهظة فى مدرجات واستادات الرياضة بالإيجار لنجاح أولادهم.. ونرصد عدم ثقة المجتمع فى نظام التعليم وتدنى كفاءة الخدمة، وعدم كفاءة الإدارات التعليمية هى *تحديات*
ومرة أخرى فإن عدم التقيد بتعيين خريجى كليات التربية فى المدارس أمر عجزتُ مرارًا عن تفهمه فى إطار الاحتياج والوفرة اللذين يتلازمان فى منظومة تنتهى بالمحنة التى يعانى منها النظام. وفى تعيين المدرسين بالحصة بشكل يهين العملية التعليمية كلها ومهنة التدريس خاصة.
*سياسات تطوير كليات التربية
لإعداد المعلم*
إن الأوزان النسبية للمكونات *الأكاديمية والتربوية والثقافية* لبرامج إعداد المعلم تتحدد فى ضوء المهام المنوط بالمعلم القيام بها فى المرحلة التى يُعد للتدريس فيها،
وفى ضوء مبدأ المرونة والتنوع واللامركزية التى ننادى بها وتنتهجها رؤية مصر فى التعليم، وأؤكد على أهميتها فى التعليم العالى، فإن *كليات التربية* ينبغى أن تتنافس نوعيًا فى ضوء فلسفة الجامعة التى تتبعها وتنظيماتها الهيكلية واحتياجات الإقليم الذى تعمل فيه.
وتندرج السياسات الخاصة *بتطوير كليات التربية* ، ضمن إطار سياسات تطوير التعليم العالى بوجه عام، إلا أنه لخصوصية وأهمية هذه الكليات فإننى أطرح مجموعة من السياسات المحددة لتطويرها، وتشمل:
*أولًا: الالتزام برسالة محددة* وواضحة وأهداف استراتيجية لكل كلية بما يتوافق مع خصوصيتها، وفى ضوء طبيعة واحتياجات المجتمع الذى تخدمه.
*ثانيًا: تطويع برامج وممارسات العمل بكليات التربية بحسب نظام الساعات المعتمدة* ، وهو الأمر الموجود على الورق وغير مطبق بشكل فعّال، بما يعمل على توحيد النظامين التكاملى والتتابعى،
مع فتح المسارات بين كليات التربية والكليات الأخرى وإمكانية تدوير بعض الساعات المكتسبة بين المجالات الدراسية الجامعية المناسبة لمن يرغب من خريجى تلك الكليات فى ممارسة مهنة التعليم،
وهو الأمر الذى يستوجب تطويرًا لبعض الكليات المكملة لبرامج التدريس بها، مثل العلوم والآداب والألسن وغيرها.
وأدرك أن الاتجاه نحو التدريس من خلال نظام الساعات المعتمدة قد تغلب جزئيًا مع الوقت على مقاومة من إدارات الجامعة وأعضاء هيئات التدريس وأصبح شبه واقع..
إن ما يتعلمه الطالب فى الجامعات والمعاهد يجب أن يكون مرئيًا ومقروءًا بوحدات أكاديمية متعارف عليها عالميًا حتى يمكن لهذا الطالب الحركة العرضية والرأسية بدون أن يضيع جهده وتراكم تعليمه.
*ثالثًا* : *تطوير نظم القبول فى كليات التربية* من خلال وضع وتطبيق اختبارات قبول موضوعية لاختيار الطلاب، على غرار اختبارات القدرات الخاصة،
وأنا أعلم أن موضوع الاختبارات لدخول الكليات الجامعية يلقى أيضًا مقاومة مجتمعية، إلا أن مهنة التدريس، هى من وجهة نظرى مهنة ذات طابع خاص.. إننا نترك أبناءنا وبناتنا ست عشرة سنة متصلة ما بين المدرسة والجامعة..
فى إطار خلقناه نحن، وبمناهج اخترناها نحن، فى فصول مغلقة مع معلمين أعددناهم نحن.. وسيظل تأثيرهم على الأطفال والشباب راسخًا فى وجدانهم..
فكيف لا تقوم الدولة بشكل مؤسسى محترف بإجراء الاختبارات النفسية والأكاديمية اللازمة ليكون لأكثر من خمسة وعشرين مليون طفل وشاب.. أفضل مدرس وأعظم معلم؟
لا يمكن لأى أمة عظيمة كمصر.. أن تواجه تطوير التعليم بدون المعلم الكفء القادر، المنمى، المتفتح، المثقف،
الذى يغرس قيم الحداثة والمعرفة ويبنى الشخصية ويؤكد الهوية المصرية.. فالدعوة هنا للأخذ بالمسؤولية ومواجهة التحدى لا الهروب منه. التحدى هنا ليس بالإجراءات العقابية التى فشلت تكرارًا بل بمواجهة المرض وليس العرض فقط.
كل الشكر والتقدير والاحترام للدكتور حسام بدراوي الذي يمتعنا دوما بدراساته التعليمية والتربوية
والحكمة تقول: «لا يرتفع مستوى التعليم فى أى أمة فوق مستوى معلميها».