بما أن الرصاص يذيب الإحساس، تظل المعاناة جزء من الحياة، تخلص الذات من التفكير في الإفلاس ، ثم تفتح لها المجال أمام مراجعة و تصنيف الأحداث بجميع اللغات،من غرض الإستيعاب وضبط الهفوات، دون مبالاة بالمضايقات. لأن الشائع من المعتقدات يرجح المتعة و الشهوة وكسب المال الحرام والتحايل على الآخر كمصدر للسعادة والإستئناس، مع العلم أن هذه المواقف تؤكد مدى إصابة المتسلط بأنواع عدة من الحالات النفسية المرضية التي يتم اكتشافها في وقت لاحق دون مزايدات لأن صاحب الفعل الجرمي اللاأخلاقي يحمل تفكيرا جد محدود لا يخرج عن نطاق محيطه الضيق، وكلما طالت المدة يعجز عن الاستجابة على تفاصيل الأكذوبة (الوعود البراقة والأحلام) والرد الشافي على الضحية، حيث يفقد المصداقية ويتبرك بالعجز والأنانية. إذ يعيش بين المد والجزر، ينمق الأحداث بالمجاملات وتعطيل الترتيبات في انتظار المجهول في قالب مرصع بالأمل الزائف و الأوهام التي تتغذى في نهاية المطاف من السذاجة والثقة العمياء. فلا يستطيع قراءة تقنيات اللعبة، لأن العبارات الصادقة قد تُزعجه لأنه يعجز عن تركيبها في جملة مفيدة من أجل الرد الشافي على الضحايا،لأن ثقافته تقتصر على عناوين الكتب والمجلات ، رغم كل هذا يطمع في الفتوحات عبر العالم وهو عاجز عن فتح كتاب يتدبر من خلال صفحاته القيم والأخلاق والأدب. ليظل اللّوم والعتاب شرف لن يستحقه البعض، لأننا نعاتب من نحب من لهم مكانة استثنائية في قلوبنا، بهذا نرغب في استباق الأحداث من غرض الدفاع عن خسارة مرتقبة. كما أننا دائماً بحاجة إلى بداية جديدة نقطة من أول السطر لنعيد ترتيب أوراقنا المبعثرة… نحتاج فتح صفحة بيضاء لم يكتب فيها حرف لم تتلوث بخيبة و لم تشهد على کسر خاطر ولم تتعرض لألم، نحتاج لأن نكون مثل فصل الخريف ندع كل ما يؤلمنا يتساقط من داخلنا لنستقبل ربيع قادم يزهر حياتنا. د.محمد جستي