صعد سلم الطائرة المتجهه الي مدينة جلاكسي، محركات الطائرة تدور، و في راسه دارت الذكريات و عادت به السنوات و تذكر رحلته مع الساحرة المستديرة و حراسة الثلاث خشبات، فهو من مواليد ١٩٦١ ، و هو أحد كنوز مكتشفي المواهب (عزت المالكي) و الذي ضمه الي فريق الناشئين بعد ان رآه هو و رفاقه يلعبون الكرة بأرض الشجر بحي السبع بنات و الذي يجاور شركة مصر للغزل و النسيج قلعة الصناعة المصرية آنذاك، لم يكن وقتها حارس مرمي و لكن لاعب فرود، و لكن احد الرفاق وشي به الي عزت المالكي بعد شهرين من إنضمامه لفريق الناشئين و صرح بأنه الأخ الأصغر للحارس الأول للغزل آنذاك و هو الكابتن عبد الستار علي، و هنا تغير مسار حياته من لاعب الي حارس مرمي، لم يعترض بطل قصتنا (ذكي عبد الفتاح) علي فرمان المالكي بجعله حارس مرمي برغم تحذيرات والده بان لا يصبح حارس مرمي مثل أخيه نظرا للضغوط التي يتعرض لها حارس المرمي طوال ال٩٠ دقيقة.
تذكر اول بطولة لعبها في مشواره الكروي، و هي بطولة بحرى – القاهرة موسم ١٩٧٥،و كان دائمآ يحلم بأن يلعب في الملعب الرئيسي و الذي كانت وظيفته هو و رفاقه الناشئين هي جلب الكرات التي تخرج من تسديدات اللاعبين في المباريات الرسمية، و عندما بلغ ال١٧ عاما أصبح الحلم حقيقة و إنضم الي الفريق الأول كحارس احتياطي حتي عام ١٩٧٨، و تذكر اول مباراة رسمية له ضد السكة الحديد عندما استعان مدرب الفريق و قتها كابتن السياجي لحراسة المرمى وكان عمره وقتها ١٧ عاما. و انتهي اللقاء بفوز المحلة علي ملعبه بنتيجه ١/ صفر. و كانت تلك هي بدايته الحقيقية و تبادل مع البلعوطى حراسة عرين غزل المحلة.
لم ينسى ابدا فضل أسطورة مصر و غزل المحلة في حراسة المرمى الكابتن خورشيد في تطوير آدائه الفني و المعنوي و الذي جعل منه حارسا مميزا، و كم تذكر مشاهدته لعملاق حراسة المرمى و عمره ست سنوات، و هو بالطبع أصبح مثله الأعلي، اما عالميا فمثله الأعلي هو بانكس حارس مرمي منتخب إنجلترا
تذكر أيضا الجيل الذهبي الأول للغزل و الفائز ببطولة الدوري العام موسم ٧٢- ١٩٧٣ و الذي تألق أفريقيا و لكنه أصبح الوصيف بعد ان انهزم من فريق كارا، و تذكر رفاق جيله من لاعبي الثمانينات ( البلعوطى- شوقي غريب – صابر عيد – خالد كرم – فايز – احمد حسن…..) و امتد به مشواره الكروي حتي لحق بجيل نهاية الثمانينات و بداية التسعينات أمثال (المغاوري – وائل شكر – جنيدي – عادل ابراهيم – عاطف عبد الهادي…..) تعلم حب النادي و الولاء له ممن سبقوه من الأجيال السابقة له.
كان ينتظر هو و رفاق الملعب مباريات الاهلي و الزمالك بفارغ الصبر، لانها كانت مذاعة تلفزيونيا، و تلك كانت اكبر دعاية لفرق الأقاليم، و كان غالبا ما يتفوق علي نفسه في تلك المناسبات، و من خلالها كانت البوابة الرئيسية للانضمام الي المنتخب الوطني، و لكن يظل حراس الاهلي و الزمالك حائلا دون عبور حراس الأقاليم لنيل شرف حراسة المنتخب، و برغم ذلك إنضم لمنتخب ناشئي مصر تحت ١٧ سنه تحت قيادة الكابتن طه إسماعيل، و المنتخب الأولمبي تحت قيادة الكابتن فتحي نصير. شرد بخياله ليتذكر أسوأ موقف له داخل المستطيل الأخضر عندما كانت المنافسة علي اشدها بين الاهلي و الزمالك و الاسماعيل و الغزل علي انتزاع درع الدورى، عندما انتهت مباراة الغزل علي ملعبه مع الاسماعيلي بهزيمه الغزل بهدف دون رد في آخر دقيقة، تلك الهزيمة جاءت بتسديد قوية ارتطمت بوجهه ثم القائم ثم هزت الشباك وظن بطل قصتنا بان الكرة خارج الثلاث خشبات، ومعها ضاع حلم الجماهير بتحقيق البطولة الثانية حتي الآن.
تذكر بطل قصتنا سفرياته مع فريقه الي السودان و ألمانيا و الدنمارك. العراق و تذكر خفيف الدم عبد المنعم ابو شاميه الصحفي القدير و المرافق للفريق في جميع سفرياته، و تذكر إهتمام الألمان بالكلاب من رعاية كاملة، فكان يصور تلك اللقطات النادرة، و عندما عاد الي مطار القاهرة وجد كلبا فإتجه نحو و قال له مداعبا :” ايه اللي مقعدك هنا، ما تروح ألمانيا لا فيزاو لا تذكرة”. و قبل ان تصل الطائرة الي الولايات المتحدة الأمريكية تذكر مدربه الايقونه (خورشيد) و تذكر ان ما قاله له أثناء التدريبات يتم تفعيله حاليا في معظم تدريبات فرق العالم الحديثة، مما يدل علي ان خورشيد قد سبق عصره ب ٥٠ عام. و اخيرا هبطت الطائرة أرض الأحلام، و مع هبوطها بدأت تتحقق احلام الكابتن زكي عبد الفتاح و الذي لم يري نفسه مهندسا او دكتورا او اي مهنة أخري سوي مهنة حارس مرمي و مدرب حراس مرمي، بل انه أصبح فيما بعد مدربا لحراس مرمي المنتخب الأمريكي ثم المنتخب المصري. تلك كانت مقتطفات بسيطة و حروف قليلة لأحد أبناء فريق غزل المحلة و الذي يستحق كتاب نحكي عبر صفحاته (قصة نجاح زكي عبد الفتاح) و الذي سيكون قدوة لشباب مصر. و الذي لم تنقطع صلته بالغزل بعد رحيله الي الولايات المتحدة، و في كل اجازة له الؤ مصر يتجه الي نادي غزل المحلة صاحب الفضل عليه. Zaky Abdel