المفكر العربى علي محمد الشرفاء يكتب : لا إكراه فى الدين
أرسل الله سبحانه رسوله للناس بآياته البينات فى كتابه المبين، ليبين لهم طريق الحياة الكريمة، ليتحقق للمجتمعات الإنسانية السلام والطمأنينة، فلا يضل الإنسان طريقه ، ولا يشقى تأكيدًا لقوله سبحانه (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه :123) ورحمة من الله ولطفا بعباده يحذرهم إذا لم يتبعوا منهاجه فى الحياة ينبه الإنسان بقوله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ)(124:طه) ذلك ليس تهديدا ، وإنما رأفة من الله بعباده حتى لا يأخذهم الشيطان بعيدا عن طريق الحق، ويحدث لهم ما لا تحمد عقباه فى حياتهم. ومن عدل الله ورحمته منح الإنسان حق الاختيار لعقيدته، دون ضغط أو إكراه تأكيدًا لقوله سبحانه (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ ) (الكهف: 29)وقال سبحانه: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (99:يونس) وماذا بعد تلك الآيات حيث منح الله عباده حق اختيار الدين الذي يريدون بكل الحرية، وكل إنسان مسئول عن قرارته، يضاف لذلك أنه بلغ رسوله بأنه سبحانه قريب يجيب دعوة الداع فى قوله(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)(البقرة:186) وفتح الباب على مصراعيه لمغفرة كل ذنوب عباده مهما ارتكبوا من آثام وذنوب فى قوله سبحانه يأمر رسوله عليه السلام ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (53:الزمر) وحينما كلف الله رسوله عليه السلام بإبلاغ آياته فى كتابه المبين قرآنه الكريم أرشده إلى كيفية الدعوة للإسلام بقوله سبحانه مخاطبا رسوله (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (125:النحل) ولم يأمر رسوله بإكراه الناس على دخول الإسلام بالقوة المادية أو بالإرهاب المعنوي، وأن يهددهم به إذا لم يطيعوه وينضموا لدين الإسلام، فالكثيرون لايعلمون أن الله سبحانه غني عن عبادة خلقه، إن كثروا فلن يزيدوا فى ملكه شيئا، وإن قلوا فلن يضعف فى ملكه شيئا تأكيدًا لقوله سبحانه (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران :٩٧) ومن رحمة الله بعباده أرسل لهم الرسل ليرسموا بكلماته خارطة طريق لحياة الإنسان فى الدنيا ، حتى لا يضل ولا يشقى ليتجنب الإنسان مواطن الخطأ والخطر ويسعى لتنفيذ ما تبلغه به الرسل والأنبياء، مما يتنزل عليهم من الآيات لما يحقق مصلحة الإنسان ومنفعته، وبين له طرق السلامة والاستقرار ليعيش الإنسان مع أسرته آمنا على أهله يملك قوته، مطمئنا فى سعيه لرزقه يؤدي عبادته من الطاعات والفرائض، ويتعامل مع الناس بالرحمة والعدل والإحسان وبالكلمة الطيبة كما أمر الله رسوله أن يبلغ الناس بقوله سبحانه (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا)( 53:الإسراء) ثم يوجه الرسول لينصح الناس بقوله سبحانه (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ۖ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (46:النمل) يريد الله لعباده أن يكونوا سعداء إذا اتبعوا آياته، وطبقوا تشريعاته وتعاملوا فيما بينهم بمنهاج شريعة الأخلاق فى قرآنه، ليجعل حياتهم مطمئنة ويعيشوا الحاضر فى خير وأمان، وينتظرون المستقبل بالأمل فى كرم الله ورحمته وعنايته بخلقه. لذلك فالله سبحانه لا يريد أن يفرض عليهم دينه الذى ارتضاه لهم لعلمه بما يمكن أن يحقق للإنسان حياة الأمن والسلام فله حق الإختيار بعيدا عن الذين يرهبون الناس إما النار وإما الدخول فى دين الإسلام، إما أن يشهد أن لاإله إلا الله أو يقتل وأولئك الدعاة أشد خطرا على الإسلام وبجهلهم للمنهاج الإلهي وشريعة القرآن تسببوا فى هروب الناس من الانتماء لدين الإسلام ، وزيادة عدد الملحدين فى مصر وغيرها من دول المسلمين. ولذلك يحذر الله سبحانه الناس جميعا من اتباع كتب غير كتابه وأقوالًا غير كلماته وأحاديث غير حديثه تأكيدًا لقوله (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۗ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) (87:النساء) وتعني هذه الآية أن كل ما عدا حديث الله لا يعتد به ولا يصدقه الناس ، ليتبعوا ما أمرهم به ففيه السلامة لهم فى الحياة الدنيا وفى الآخرة تأكيدًا لقوله سبحانه (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (3:الأعراف) فمن هجر كتاب الله وحديثه واتبع أقوال خلقه فقد ضل طريق الحق . ويوم القيامة يقول نادما كما وصفه الله سبحانه: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا [27] يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا [28] لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا [29)(الفرقان). والسلام على من اتبع كتاب الله وآمن بقرآنه وارتضى حكمه وسلم أمره لله مستيقنا برحمته وعفوه ومغفرته.