*الدعاء المستجاب مرهون بطاعة الوهاب*
*بقلم المفكر العربي على محمد الشرفاء*
وضع الله سبحانه للناس قاعدة استجابة الدعاء في قوله سبحانه مخاطباً رسوله عليه السلام: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (البقرة: 186).
فالرسول الكريم يبلغ الناس عن ربه أن الله قريب لعباده يستجيب لدعائهم في كل الأوقات، ولكن بشرط اتباع كتابه وأداء الفروض على الوجه الأكمل، وتطبيق تشريعاته بالابتعاد عن محرماته، وما نهى عنه من المعاصي والذنوب، وممارسة سلوك الإنسان وفق المنهاج الرباني، والأخلاق الفاضلة وحسن التعامل مع الناس بالرحمة والعدل والإحسان، واحترام حرية الإنسان فيما يتعلق بعبادته، وممارسة شعائرها دون إكراه، فذلك أمر يتعلق بعلاقته مع الله سبحانه.
*قاعدة استجابة الدعاء* :
ولم يكلف الله أحداً من الناس وكيلاً عنه في الدنيا يراقب الناس على عباداتهم ومحاسبتهم عليها، فالله وحده المختص بمحاسبة عباده، حيث تستكمل الآية أعلاه في قوله سبحانه: (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) فتكون الآية مكتملة في قوله سبحانه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186).
إذن لكي يستجيب الله دعاء العباد عليهم الإيمان بالله وطاعته والاستجابة لشرعة الله ومنهاجه، وإذا أوفوا بهذا الشرط، فالله وعدهم باستجابة الدعاء.
ثانيا: أمر الله الناس بالأخذ بالأسباب، ومنها بالنسبة للطلبة بذل الجهد المخلص والمذاكرة والتركيز في متطلبات الامتحان في كل مراحل الدراسة، وبذل أقصى ما يستطيع من توظيف الوقت في المراجعة والإعداد ليوم الامتحان، بكل الثقة بأن الله سيوقفه للنجاح إذا دعاه ليعينه في تجاوز الامتحان بنجاح، بعد ما أدى ما عليه من واجب وطاعة لله، كما سبق شرحه أعلاه وأخذ بالأسباب، ومن يحيد عن هذا الطريق ولم يستوف شروط الاستجابة لدعائه لله، وقصر في اتخاذ الأسباب فلا يلومن إلا نفسه في حالة الفشل تطبيقا لقوله سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيد ) (فصلت: 46).
شيوخ الدين يخدعون الشباب:
إنني أتساءل من الذي منح شيوخ الدين حق التغرير بالشباب للنجاح بالدعاء، وعدم الأخذ بالأسباب!
من الذي يدعو شباب المستقبل للتواكل والاعتماد على ما يتلفظ به اللسان حين يفاجأ الطالب بسقوطه في الامتحان ويضع اللوم على الله لأنه لم يستجب دعاءه ويساوره الشك في عقيدته الدينية، ويفقد الثقة في شيوخ الدين الذين يستقون علومهم الإسلامية من الروايات الشيطانية بدلاً من الآيات القرآنية يغررون بالناس، ويشوهون صورة الإسلام الذي لا يعترف بالأوهام والأساطير.
لابد من وقفة مع شيوخ الدين الذين يحرفون رسالة الإسلام التي تدعو الناس للعمل والمثابرة والجهد المخلص والأخذ بالأسباب، ويقومون بإصدار فتاويهم بما لم ينزل الله به من سلطان، يخدعون المسلمين، ويسعون من أجل الوجاهة وإرضاء النفس بكل أنانيتها وأطماعها في حب السلطة وحب المال، والتكبر على الناس وإرضاء الغرور في نفوسهم، والله يحذرهم بقوله سبحانه بقوله(وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان: 18).
الروايات تضلل المسلمين:
ألا يكفي تضليل المسلمين بالروايات منذ عشرات القرون حتى اليوم؟! ألم يحن الوقت للرجوع إلى كتاب الله ليغني الناس عن روايات الشياطين، الذين تسببوا في خلق الفتن بين المسلمين، وشوهوا تعاليم الإسلام، وما جاء به الرسول الكريم من آيات ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وفي غيبة من الوعي والإدراك عند المسلمين تسللت الأفاعي إلى عقول المسلمين فشربوا من سمومها، وعطلوا خلايا التفكير في عقول الناس، حتى استطاعوا أن يحولوا المسلمين إلى قطيع يساق نحو الهاوية والغضب الإلهي كالأنعام؟!
متى تستيقظ العقول ومتى تتدخل الحكومات لوقف تجميد العقول، لتتحرر من سموم الأفاعي، وتخرج من ظلام الروايات إلى شعاع الآيات في الكتاب المبين، ليتوحدوا خلف كتاب الله كما أمرهم الله سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ).
ولم ينتبهوا لتحذير الله لهم لمصلحتهم ومنفعتهم وحماية أمنهم واستقرار أوطانهم في قول الله سبحانه: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ ) (الأنفال: 46).
طاعة الرسول فيما أنزله الله عليه من آي الذكر الحكيم:
فطاعة الله تعني طاعة الرسول في كل ما أنزله الله عليه من آي الذكر الحكيم، كما جاء في خطاب التكليف الإلهي للرسول في قوله سبحانه: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: 2)
وقوله سبحانه مخاطباً رسوله الأمين: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (ق: 45).
ذلك هو الطريق إلى الله، طريق الحق والحياة الطيبة، الذي يحقق لعباده الأمن والاستقرار.