لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
مصطلح “الحريديم”، هو كلمة عبرية، في الأصل، وهي جمع كلمة حريدي بمعنى التقي، وتُطلق في إسرائيل على طبقة اليهود المتشددين، الرافضين للتجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي، لأنهم معارضون للديمقراطية، باعتبارها مخالفة للشريعة اليهودية، التي يرونها المصدر الوحيد للتشريع في الدولة اليهودية، وفي إدارة حياة الشعب اليهودي.
كما أنهم لا يؤمنون بالاختلاط بين الجنسين، وتدور حياتهم حول التواجد في مدارس لدراسة التوراة، والتجمع، في المعابد، ثلاث مرات، يومياً، للصلاة، لذا يرفضون التجنيد الإجباري، الذي يتم عند بلوغ الشخص 18 عام، وتستمر فترة الخدمة فيه لثلاث أعوام للرجال، وعامان للنساء. وعادت أزمة تجنيد تلك العناصر، في الجيش الإسرائيلي، للنشوب، وصارت أكبر المشاكل التي تواجه الحكومة الإسرائيلية، حالياً.
بدأت فكرة إعفاء اليهود المتشددين، “الحريدييم”، من التجنيد، منذ قيام دولة إسرائيل عام 48، عندما أصدر بن جوريون قراره باعتبارهم الحافظون للديانة اليهودية، مكتفين بوجودهم بالمعابد اليهودية، كأساس لاستمرار الديانة اليهودية، وتقتصر مهمتهم على التفرغ لدراسة التوراة، مما يمنعهم من أداء الخدمة العسكرية، خاصة أنهم ملتزمون بعدم العمل أيام السبت في أي مكان، والاكتفاء فيها، بزيارة المعابد، وقراءة التوراة، التي يعتبرونها السلاح الروحاني لحماية إسرائيل.
حتى كان عام 2018، عندما أبطلت المحكمة الدستورية العليا الإسرائيلية قانون إعفاء هذه الطبقة من الخدمة العسكرية، إعمالاً بمبدأ المساواة، وأتاحت مهلة محددة لتوفيق الأوضاع. وقد انتهت تلك المهلة في الشهر الحالي، حيث أعلن النائب العام الإسرائيلي، أن الجيش الإسرائيلي ملزماً بتجنيد رجال الحريدييم اعتباراً من يوم 1 أبريل، الجاري، مما أدى لاندلاع مظاهرات كبيرة، في تل أبيب، مطالبة باستمرار إعفائهم من التجنيد.
ولقد تأججت تلك الأزمة مع استمرار القتال، الحالي، في غزة، ودخوله الشهر السابع، واحتياج الجيش الإسرائيلي لضم المزيد من الأفراد لصفوفه، خاصة وأن عناصر الاحتياط، التي تم استدعاؤها مع إعلان الحرب، وصاروا يشكلون قوام الجيش الإسرائيلي، أصبح من الضروري عودتهم لأشغالهم المدنية، للحد من نزيف الخسائر الاقتصادية التي خلفتها الحرب على الموازنة الإسرائيلية.
وبهذا، يواجه نتنياهو، حالياً، ضغطاً من الأحزاب الدينية، في الائتلاف الحاكم، المُصرة على استمرار إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وتفرغهم لتعلم التوراة، وهو ما يشكل تحد كبير، قد يقصف بالائتلاف الحاكم، وبالتالي تسقط حكومة نتنياهو، مما يدفعه لمحاولة مناقشة الأمر داخل الكنيست، لاستصدار القرار من السلطة التشريعية، بدلاً من السلطة التنفيذية، إدراكاً منه لما يمثله الأمر، برمته، من تهديد لكيان الدولة الإسرائيلية.