يدور الحديث حول قدرة الأسواق المحلية على تلبية احتياجات الأسر خلال شهر رمضان بأسعار مناسبة وسط ارتفاعات أسعار عديد من المواد الأساسية وارتفاع أسعارها، في خط متواز مع التحديات الاقتصادية التى يمر بها المغرب نتيجة للتحديات الداخلية والخارجية.
تأثيرات الحروب الدائرة فى أماكن متعددة من العالم مثل أوكرانيا وغزة تنعكس تبعاتها على الواقع المغربى حيث يشهد الاقتصاد الوطنى ضغوطاً كبيرة. تتسارع هذه التأثيرات مع تداول الأزمات الداخلية بدايةً من آثار زلزال 2023 الذى خلف تغييرات هائلة فى القطاع الزراعى وصولاً إلى تهديدات الجفاف المستمر للعام الخامس على التوالى.مع اقتراب رمضان يصبح قلق المواطنين حول تأمين المواد الغذائية أكثر وضوحاً، رغم استقرار أسعار بعض السلع مع التباطؤ النسبى فى معدلات التضخم، ومع مواصلة الحكومة المغربية عملها في سياق التصدي لتلك التحديات عبر دعم أسعار بعض المواد الأساسية.
وتبقى آمال الأسر المغربية معلقة على تحسين الأوضاع الاقتصادية واستقرار الأسعار خلال شهر رمضان وسط تباين فى تقديرات خبراء الاقتصاد.يرى الخبير المتخصص في الاقتصاد الاجتماعي، عبد العزيز الرماني، أن:
شهر رمضان فى المغرب يأتى هذا العام في أجواء وظروف لا تختلف كثيراً عن العام الماضي من الجانب الاقتصادي. نتحدث هنا عن التضخم بوجه خاص بينما الأسعار تغيرت بشكل طفيف؛ كأسعار الخضروات التي أصبحت أقل ثمنا من العام الماضي. بوجه عام إذا تمت مقارنة الأسعار بالسنوات الماضية، نجد تضخماً ملحوظًا لم يتم التحكم فيه بشكل دقيق وفعال وناج. مع وجود أزمة غلاء المعيشة ليس فقط في الأمور المرتبطة بالمأكل والملبس ولكن أيضاً فى الخدمات وهذا يعد جانباً مهماً من حيث معاناة المواطنين مع ارتفاع أسعار الخدمات والسلع مع احتياج المواطن إليها. وفق المندوبية السامية للتخطيط في المغرب فإن التضخم السنوى فى البلاد مقاساً بمؤشر أسعار المستهلكين انخفض إلى 6.1 بالمئة في 2023 من 6.6 بالمئة في 2022.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية المحرك الرئيسى للتضخم في البلاد، 12.5 بالمئة عن العام السابق، فيما زاد تضخم المواد غير الغذائية 1.7 بالمئة.
المركزى ارتفاع التضخم برفع معدلات الفائدة مرتين لتصل إلى 3 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ 2014، إضافة إلى استمرار دعم الحكومة لأسعار غاز الطهى والسكر والدقيق عبر صندوق المقاصة بنحو 3 مليارات دولار إضافة إلى دعم العاملين فى نقل المسافرين والبضائع وإبقاء أسعار الكهرباء دون تغيير.
وعن التكيف مع التكلفة المرتفعة لأسعار السلع يتابع الرماني فى تصريح شهر رمضان له طابع روحي خاص، ويتعين أن يكون شهر للاقتصاد والادخار المالي.. يمكننا أن ندخر ونقتصد ونراجع الطاولة التي نبدأ بها فطورنا الرمضاني على أي حال، فكثير الأنشطة يمكن تجاوزها في شهر رمضان تسهم في خفض التكلفة والمصروفات.
وفي سياق متصل، يشدد على أن سنة 2024 تعد الأبرز التى يعيشها المغاربة فى ظل ظروف مناخية سيئة جداً بهذا الشكل فشهر رمضان هذا العام استثنائى عبر التاريخ لأنه يأتى فى فصل نقترب من الربيع ونعيش الشتاء وهناك جفاف قاس بينما السماء لا تمطر ولا تدر بخيراتها مع مستوى حرارة مرتفع بينما مدار الأعوام السابقة كان المغرب يشهد برودة قاسية تصل إلى الثلوج. فهناك إشكالية في التصدير إلى أوروبا في ظل الاحتجاجات التي يخوضها المزارعون الأوروبيون ويمنعون كل الوارادت من المواد الفلاحية إلى أوروبا فيما انعكس بشكل سلبي على أداء القطاع الفلاحي في المغرب خاصةً في شق التصدير.
كما يشير إلى إشكالية أخرى تتعلق بتصدير الفواكه والخضر المغربية إلى إفريقيا فى ظل القرارات الجبائية الأخيرة مما انعكس بشكل إيجابي على وفرة المنتجات بالسوق المغربية.
وفى السياق يعتبر الخبير الاقتصادي المغربى محمد جدرى أن: الاقتصاد المغربى يمر حالياً بأزمة تضخم غير مسبوقة خلال السنوات الماضية (..) ما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة أصحاب الدخل المحدود والطبقة المتوسطة. شهر رمضان 2024 سيكون سابقة من نوعه فالمغرب لا يمتلك مجموعة سلعية في متناول الأسر (من حيث الأسعار) كما أن السوق مزودة بعديد من السلع لكن أسعارها مرتفعة مقارنة بدخول المواطنين. بالإضافة لوجود قطاعات عديدة تتراجع فيها معدلات الشغل كقطاعات البناء والتجارة والنقل والعقار ومع مواسم الجفاف لا يصبح هناك طلب على العاملين بقطاع الفلاحة، وبالتالي يفقدون مصدر دخولهم. ويضيف الخبير الاقتصادى فى تصريح: المغاربة يستعدون بشكل مختلف لشهر رمضان، فالعادات الاستهلاكية خلال الشهر تختلف عن غيره من الشهور الأخرى فهناك مواد غذائية واستهلاكية معينة يتم استهلاكها.. أسرة مكونة من 5 أفراد يمكنها على حسب المدينة والدخل فيما يتعلق بالمواد الغذائية خلال الشهر رمضان أن تنفق ما لا يقل عن 200 دولار إلى 400 – 500 دولار