لم يدُرْ بخُلد أحد أن التلميذ النجيب مصطفى فايد سيحقق نبوءة أحد أساتذته، في الصف الأول الإعدادي، حينما كتب له على كتاب اللغة الإنجليزية “دكتور مصطفى فايد”، ويصبح ذلك الطبيب البارع، ذا القلب الكبير، الذي يذكّرنا بقصة صعود عالم “نوبل”، د. زويل، الذي كتب على باب غرفته، وهو طالب بـ “الإعدادية”… “د. أحمد زويل”. *** وُلد د. مصطفى فايد فضل عبدالله أبو الحسن (39 عاماً)، عام 1985، في أحد بيوتات القرية العريقة، فقد كان جدّه لأبيه، فضل عبدالله، عمدة القلمينا لنحو 35 عاماً، وكان والده الراحل موظفاً بواحدة من كبريات شركات القطاع العام. نشأ الطالب النّابهُ في جوّ كان يشهد اهتماماً واضحاً بالتعليم، وسط منافسة شريفة وتشجيع حقيقي من الأهل والمعلمين، وتزامل منذ “الابتدائية” مع رفيق دربه، ابن أختنا د. محمد أحمد عبداللاه (حالياً مدرس بطبّ سوهاج)، وتوقّع لهما كثير من الأساتذة مستقبلاً باهراً. ويذكر د. مصطفى، بكل فخر واعتزاز، أساتذته خلال تلك الفترة، أمثال عبدالراضي عباس، وخيري عبدالله عبدالواحد، وعبدالله أحمد عبدالله، وغيرهم، ممن كان لهم الفضل الكبير في الدعم والتحفيز والرعاية والمساندة والتشجيع. * قبل نحو 20 عاماً، وتحديداً عام 2003، تحققت نبوءة الأستاذ، والتحق الشاب المتفوق بكلية طب سوهاج، لكنّ حادثاً فارقاً كان له الأثرٌ البالغ في تحديد مسار مستقبله، حيث أصيب والده الراحل بجلطة في القلب، وكان تصريح الطبيب الكبير الذي عاينَ (الحالةَ) في مستشفى بقنا مؤلماً ومحبطاً، فتمنّى الأب المريض من ابنه (طالب الطبّ) أن يتخصص في القلب لـ “يساعد مرضى القلب ويوجّههم التوجيه الصحيح”، وسرعان ما لبّى الوالد نداء ربّه، راضياً مرضياً بإذن الله، في الوقت الذي لبّى الابن البارُّ رغبة والده، فانتقل إلى “طب عين شمس”، لأنّ تخصص القسطرة القلبية لم يكن متوافراً بجامعات الصعيد وقتها. أتمّ الطبيب الشاب دراسته عام 2008، وبعد أن أنهى “الامتياز” عام 2010، استطاع في سنوات قليلة، حفر خلالها في الصخر، أن يصنع له اسماً ويجد له موطئ قدمٍ في القاهرة، وما أدراك ما القاهرة!! و”عافَرَ” كثيراً لـ “يتعلّم القسطرة”، وأجرى – بفضل الله – آلاف العمليات، منها عمليتان لاثنين من أستاذته، كان منهما – يا للمصادفة !- أستاذه الذي كتب له على كتاب الإعدادية (دكتور مصطفى فايد فضل)! * عمل د. مصطفى بمستشفيات معهد القلب القومي، والدمرداش، ومدينة نصر للتأمين الصحي، ووادي النيل (التابعة للمخابرات العامة)، وصيدناوي للتأمين الصحي، وأخيراً مستشفى العاصمة الإدارية الجديد، الذي يُعدّ أهم مستشفى في وزارة الصحة حالياً، وأصبح “مدير قسطرة القلب” به. ولأنّه من “أهل الفضل”، فإنّ د. مصطفى فايد (فضل) لا يبخل على زملائه من الشباب الراغبين في “تعلُّم القسطرة”، سواء من قنا، أو من غيرها من المحافظات، ويعمل حالياً على مشروع تجهيز قسطرة القلب بمستشفى قنا للتأمين الصحي. يتمتع الطبيب الشاب – الذي تفخر به قريته وناسها – بدماثة خلُق وسماحة مُدهشة، يلقى بهما كل من يحتاج إلى عون أو نصيحة أو مشورة أو رعاية. قلبُ د. مصطفى مفتوح – كما بيتُه – لأهل بلده وكل مَن يقصدُه، ورغم ضغوط العمل والحياة بالقاهرة، فإنه يسارع بتلبية أيّ نداء بصدر رحب، و”فضل” لا يُخطئه “قلب”. وفّق الله د. مصطفى وأمثاله لكل ما فيه خير بلدنا الصغير القلمينا… والكبير مصر.