الكاتب المغربي حسن إبراهيمي قراءة فنية :د:آمال بوحرب تونس يقول روبرت دبليو ويتكين في كتاب سوسيولوجيا الفن “يمثل ظهور فن الواقعية الحسية في ثقافات المدن في عصر النهضة الأوروبي مرحلة حاسمة في تطور فن يسوده نمط الإدراك البصري ففي العلاقة البصرية يمر الشيء بتحولات مستمرة في أثناء تحركه عبر الفضاء أو تغييره لموقعه بالنسبة إلى الملاحظ ومن خلال هذه التحولات يظل من الممكن تمييز الشيء على أنه الشيء ذاته وبذلك تكتسب الأشياء والأشكال صلابتها وواقعيتها من انسيابيتها “ولعل ما كتبه الاستاذ القدير حسن إبراهيمي في مجموعته القصصية الأخيرة كاتب المجموعة :حسن ابراهيمي كاتب مغربي صدر له ما يلي :1 كتاب تحت عنوان كسرة خبز 2 كتاب تحت عنوان جراح وطن 3 كتاب تحت عنوان القضية الفلسطينية من خلال نماذج ادبية لادباء فلسطينيين مسار الالم والامل . 4 كتاب تحت عنوان ولع السباحة في عين الاسد .. عنوان هذه المجموعة “ولع السباحة في عين الاسد” عنوان ينضح جرأةً كيف لشخص ما أن يكون ولعاً بالسباحة أو اللعب فى عين الأسد ؟ من يفعل هذا يجب أن يكون من فصيلة أقوى من ملك الغابة ونحن فعلاً نعيش حياة الغاب فى بعض الأماكن يقول القاص على لسان أحد شباب القرية ، فى قصة حماة الأرض: “ينبغي الدفاع عن هذه الأرض كما تدافع الحيوانات عن صغارها فى الغابة” حماة الأرض هى إحدى قصص هذه المجموعة و هى قصة نضال يخيم عليها الحزن.يخيم الحزن على الأفراد و المكان و الطبيعة كما سنرى. يصف القاص القرية بأنها جريحة و تنبأت المرأة التى تقتات على الاكفان المطحونة بمستقبل سيعصف بالشمس اى مستقبل هذا؟ إذا كان سوف يعصف بالشمس سيكون مستقبلا غاشما أو معركة كبيرة مُنتظّرة. لقد تفنن الكاتب في اخراج سرد القصّة من نسق الأطر التقليدية لأنه نبع من صميم الواقع، وتجلى في تقنية فنية متنوعة الأساليب قادرة على توضيح انعكاسات الذات، وهو سرد مترافق مع الوصف، وكلاهما تقنية فاعلة من تقنيات النص القصصي حتى الندى لم يسلم من الحزن ، فقطراته هاجمت الفرح.و النباتات أفصحت عن كراهيتها للاجنبى.. وإن كانت” النفس الإنسانية عالم عجيب تحتوي العديد من الأسرار كما يلفها الكثير من الغموض.” خيم الحزن على كاتب القصة وعلى المفردات التى استخدمها ، و على الصور البلاغية أيضاً ، فيقول شاخ البحر بين اناملهم.و هذا تعبير بليغ حزين جداً و يعبر عن يأس ينخر فى العظام.ما سبب كل هذا الحزن ؟ هى المعارك المتتالية طبعاً ،و مجئ الأجنبى الذى جاء من قاعدة عسكرية بالمدينة المجاورة للقرية. هنا القاص استخدم الرمزية فى المكان ، فالقواعد العسكرية الأمريكية منتشرة فى ربوع الخليج حول القرية . أخرج السرد القصّة من نسق الأطر التقليدية، لأنه نبع من صميم الواقع، وتجلى في تقنية فنية متنوعة الأساليب، قادرة على توضيح انعكاسات الذات وهو سرد مترافق مع الوصف، وكلاهما تقنية فاعلة من تقنيات النص القصصي. وظّف القاص اللهجة العامية للشخصيّة، ليبرز دورها المؤثر في الشخصيّة الأخرى، لأن اللهجة المتشابهة بين المتخاطبين تشي بسهولة وصول المعنى المقصود من العبارات محاولاً الكشف عن بعض جوانب الواقع البسيط المعيش، وإبراز السخط على الأيدي المستغِلّة التي تنهب خيرات العامة.
وصف المشاهد(الأحداث ) في القصة : . حتى الندى لم يسلم من الحزن ، فقطراته هاجمت الفرح.و النباتات أفصحت عن كراهيتها للاجنبي هذه القرية ، كل ما بها حزين ، حتى الربوة تشكو ألم الفراق و لكن الامل سوف يأتي ، فالقاص جعل الموتى يقومون من أجل المعركة فى نهاية القصة.وهذا هو الامل أن صاحب الأرض لا يموت والأرض لن يتملكها إلا أصحابها
وصف الشخصيات : من خلال اللجوء إلى التخيلات الميتافيزيقية والحلول العجائبية والأحداث الخارقة، تجد شخصيات القصص امتدادها في الآخر المقابل لها. ويبن لنا ان مفهوم الاغتراب في غالبية القصص، يرتبط بالحركة من داخل الوطن إلى خارجه على أن ما يضم الضعفاء جميعا، فيها هو البؤس والحزن رغم الحماس المذبذب يقول القاص “بعض شباب القرية متحمسين للمعركة و بعضهم تملكه اليأس “وبعبارة نخ الرجل و اخذ يقرأ المعوذتين تظهر سلبية الفقية الذى أخذته الدروشة فحركته تخلو من الايجابية فى المعركة وهذا ما يبرز اهمية الوصف الذي يؤدي دوره في إيصال الصورة الواضحة للشخصية بتجرد وموضوعية .
الوصف المزجي :من خلال هذا التداخل بين ما هو شعوري وانفعالي وبما هو واقعي وبما هو فكري ينم عن وعي معين فإن وصف المكان والاحداث الذي دارت حولها القصة مع تحرك الشخصيات حوله أعطى للقارئ المتعة الفنية فالرغبة في العبور والنجاة تتداخل بين جدلية المبادرة والتردد بين الخوف والأمل ،قال الكاتب “استفاق زوجها بسبب جلبة أحدثها غضب السماء،تجمهرت الرعود في تقاسيم وجهها، تلبدت الغيوم، انشطرت الساحة المجاورة للبيت، فيما سكان القرية شاخ البحر بين أناملهم خرج يتفقد مصدر الجلبة” بهذا التداخل والحركة السريعة بين الموجود وبين الموصوف وبين الخيال تمكن القاص من الوصول إلى الابداع في أرقى معانيه . وقد تعتبر قصة حماة الأرض من أدب المقاومة والروائي الفلسطيني غسان كنفاني (1936-1972) هو أول من استخدم مصطلح «المقاومة» لوصف شكل من أشكال الأدب على عكس المفاهيم العالمية للأدب في الدراسات الأدبية والثقافية الغربية، فإن أدب المقاومة محدد زمنيًا و تاريخيًا. في عام 1996، كتبت باربرا هارلو دراسة عن أدب المقاومة تحت عنوان «بعد الحياة: إرث الكتابة الثورية». قدمت قراءة نقدية للسياسة الثقافية حول الأدباء الفلسطينيين و الأفارقة الذين كتبوا فى هذا الشأن وقد اعترفت بالتقارب التاريخي لنظريات واستراتيجيات المقاومة الحذرة في أعمال المثقفين مثل هذه القصة، حددت ساحة ناشئة جديدة لإعادة تنظيم هذه التدخلات الحاسمة في كتابة الحقوق و.أدب المقاومة هو الحكاية الشعبية التي تم سردها بمثابة مقدمة لمجموعة من الأدب التي حددتها هارلو وفحصتها في دراستها النقدية. وهي من ضمن مجموعة من الأدبيات اللاتي خرجن من صراعات التحرير الوطني في جميع أنحاء العالم في العقود التي أعقبت انهيار الإمبراطوريات الاستعمارية . فى حالة هذه القرية يصبح الأدب «ساحة نضال» كما قال كنفاني عن هذا النوع من القصص وكما ذكر القاص هذا التحدى فى عنوان المجموعة فالتباين واضح بين السباحة والتمتع بالحياة وبين وجود الأسد الذي يهيمن على كل شباب القرية فكريا وروحيا واجتماعيا والكاتب من وجهة نظري قد أتقن جيدا استعمال تقنيات كتابة القصة وجعل لها خاتمة مفتوحة لطرح أسئلة كثيرة حول المفكر وعلاقته بالمجتمع . وأردت أن أشير إلى ان النظرة الموروثة عن الوصف كونه عنصرا زائدا هدفه تزييني فقط هي نظرة تقبل التأويل في حد ذاتها أما تأويل المقاطع الوصفية التي تقطع على السرد تواصله تختلف من قارئ لآخر وأن عملية الوصف ليست محايدة بل تكشف عن ذاتية الواصف ومشاعره تجاه الموصوف . شكرا لك استاذي أن أتحت لي هذه الفرصة لقراءة مثل هذه القصص المبدعة والهادفة .