قال توفيق الشرجبى وزير المياه والبيئة فى حكومة معين عبدالملك إن التغيرات المناخية تؤثر سلبا على إنتاج الغذاء فى اليمن مما فاقم أزمة انعدام الأمن الغذائى والمائي وسط استمرار الصراع فى هذا البلد المصنف كأحد أفقر الدول العربية.
وذكر تقرير حديث للبنك الدولى أن اليمن يُعد من بين أكثر بلدان العالم فقرا فى المياه حيث لا يحصل أكثر من 55 بالمئة من السكان أى نحو 18 مليون نسمة على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي المأمونة.
وقال الشرجبى فى مقابلة مع رويترز خلال العقد الأخير أصبح للتغيرات المناخية آثار كارثية على البيئة بشكل عام وعلى الإنتاج الزراعي والسمكى والحيواني بشكل خاص.
تتعرض العديد من المناطق اليمنية إلى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الطويل وتذبذب سقوط الأمطار وتغير فى مواعيد مواسم الزراعة والحصاد المرتبطة بالمواسم المطرية أو العواصف والأعاصير والسيول الجارفة وتدهور التربة الزراعية بشكل كبير ونضوب وتلوث مصادر المياه الذى أجبر السكان إلى الهجرة الداخلية والنزوح بحثا عن المياه والخدمات بحسب تصريحات الوزير اليمنى.وأوضح الشرجبى أن تأثيرات التغيرات المناخية على المناطق الساحلية من العوامل المهمة فى هجرة الكثير من أنواع الأسماك التى لا تتحمل تلك التغيرات
أكد البنك الدولى فى تقرير حديث أن انعدام الأمن الغذائي يمثل التحدي الأكبر الذى يواجه اليمن حاليا فى ظل استمرار الحرب وتصاعد معدلات التضخم وتغير المناخ.
وقال البنك الدولى فى تقرير نُشر منتصف ديسمبر تحت عنوان مكافحة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية فى خضم تحديات متعددة إن عدد اليمنيين الذين يعانون من الجوع كل يوم زاد بمقدار 6.4 مليون شخص خلال التسع سنوات الأخيرة من الحرب وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية.
وأشار التقرير إلى ارتفاع عدد الذين يعانون من الجوع باليمن إلى 17 مليون شخص فى 2023 من 10.6 مليون فى عام 2014.
وتشير تقارير وبيانات رسمية إلى تأثر جميع المناطق الزراعية فى اليمن من ظروف الجفاف مع ارتفاع غير مسبوق فى درجات الحرارة خلال الأعوام الماضية وارتفاع نسبة التصحر من 90 بالمئة عام 2014 إلى 97 بالمئة عام 2022 الأمر الذى أدى إلى خسارة سنوية تتراوح بين ثلاثة وخمسة بالمئة من الأراضى الصالحة للزراعة
وقدّرت تلك البيانات تكلفة تغير المناخ فى قطاع الزراعة بأكثر من 64 بالمئة من إجمالي خسائر الاقتصاد اليمنى بينما زادت فجوة الغذاء إلى 40 بالمئة.
فيما تقدر حجم الأراضى المتدهورة من التقلبات المناخية إلى 5.6 مليون هكتار أى بنسبة تصل إلى 12.5 بالمئة من إجمالي مساحة الأراضى الزراعية.
انطلاقا من هذا الواقع قال الشرجبى إن اليمن يحتاج إلى الكثير من المشاريع لمواجهة التغيرات المناخية حيث تشكل التغيرات المناخية تحديا كبيرا لجميع دول العالم الثالث، وعلى وجه الخصوص اليمن كونها أكثر حساسية للتغيرات المناخية وهذا ما تؤكده الكثير من تقارير الخبراء.
لكنه أكد أن الحكومة شرعت فى اتخاذ العديد من الإجراءات والمعالجات وبدأت فى تنفيذ عدة مشاريع ممولة من المانحين كمساعدات أو منح من الدول الصديقة والشقيقة والصناديق التمويلية للتخفيف من تفاقم آثار تغير المناخ على الأمن الغذائى فى اليمن وبتدخلات مختلفة فى تحسين إدارة المياه وتدابير الحفاظ عليها والاستثمار في البنية التحتية للمياه.
من المشاريع التى تعمل عليها الحكومة اليمنية أنظمة تجميع مياه الأمطار وشبكات الرى الصغيرة وتعزيز توافر المياه للزراعة وممارسات كفاءة المياه وتثقيف المزارعين حول الاستخدام المستدام للمياه وإنشاء أنظمة إنذار مبكر والاستثمار فى تحسين قدرات مراقبة الطقس والتنبؤ به ونشر الإنذارات للمزارعين والمجتمعات الضعيفة.وفيما يتعلق بالانبعاثات وغازات الاحتباس الحرارى أفاد وزير المياه والبيئة اليمنى بأن اليمن يعد من الدول الأقل نمو وبالتالى لا توجد فيها صناعات ثقيلة أو لها تأثير كبير فى الانبعاثات إذ تكاد تكون نسبة الانبعاثات معدومة حيث تتمتع البلاد بغطاء نباتى كبير ومسطحات مائى كبيرة ولازالت البلاد تتمتع بتنوع حيوى ثرى وبرغم ذلك نعمل على التقليل من استخدامات الوقود الأحفورى لتخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى ضمن تعهدات اليمن للوفاء بالتزاماته نحو المجتمع الدولى.
وأكد أنه لهذا الغرض تعمل وزارة المياه والبيئة حاليا على إعداد استراتيجية وطنية للخروج التدريجى من استخدام الوقود الأحفورى والتحول للطاقة المتجددة فى عمليات توليد الطاقة وإنتاج وضخ مياه الشرب من خلال إدارة حقول المياه بالطاقة الشمسية.
يعتمد قطاع الكهرباء فى اليمن بشكل كبير على الوقود الأحفورى وخصوصا النفط والغاز اللذين يمثّلان ما يقرب من 90 بالمئة من إنتاج الكهرباء محليا.
واليمن منتج صغير للنفط وتراجع إنتاجه حاليا إلى 60 ألف برميل يوميا بعد أن كان قبل الحرب يتراوح ما بين 150 و200 ألف برميل يوميا فى حين كان يزيد الإنتاج على 450 ألف برميل يوميا فى عام 2007 بحسب البيانات الرسمية.وأكد وزير المياه اليمني عزم الحكومة على اعتماد إمدادات الطاقة المتجددة والنظيفة كحل لأزمة قطاع الطاقة المستعصية فى اليمن حيث ستدخل أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية فى مدينة عدن الخدمة مع مطلع العام الجديد 2024 بقدرة 120 ميغاوات بتمويل إماراتى كمرحلة أولى قابلة للتوسع لنحو 300 ميغاوات ومثلها محطة في مدينة المخا على البحر الأحمر التى ستسهم فى تقليل كُلفة توليد الكهرباء فى ساعات النهار والتقليل من استخدامات الوقود