كتبت نجوى نصر الدين مدرسة الحياة كثيرة هي المواقف التي تمُر بنا، ونمُر بها، تخصّنا أو نُشاهدها، ونحن نمضي مسرعين في طرق الحياة. إن المواقف كثيرة وغزيرة، وهي بمثابة لوحات إرشادية، وتعلّم لكن ضمن مدرسة الحياة، التي لا تحدها أسوار، ولا بوابات، وليس لها توقيت مُعيّن، ولا تنتهي بقرع الجرس! أمّا مُعلِموها فهي الأحداث، والنوائب، والأيام.. وأمّا تلامذتها، فنحن جميعاً! تبقى المواقف بلا قيمة حتى نستخلص منها العبرة، والخبرة الضرورية التي تعين المرء على تخطي العقبات، والتغلّب على مصاعب الحياة ومعالجة الأمور المختلفة بدراية وشغف. إن الخبرة والمعرفة التي نكتسبها ونتعلمها.. نستطيع استخلاصها من كل ما يحدث لنا، أو لغيرنا، إنها الثمرة حين تنضُج، و الشهادة العُليا التي تمنحنا إياها الحياة. تخيّل أن يأتي إنسان إلى الحياة، ويعيش ما شاء الله له أن يعيش وهو خالي الوفاض، لا يملك من أمره شيء، وليس لديه أدنى معرفة بكيفية إدارة حياته، وتدبير شؤونه، وكسر حِدة المواقف، لا يمتلك هدف ليسعى إليه، يحمل دائماً كنانته على ظهره لكنها للأسف خالية من السِهام! لقد اتخذ من حافة الحياة وهامشها مُلتجئاً، أمامه أفق واسع المدى.. لكنّه اكتفى بأن لا ينظر أبعد من أنفه.. مضى -كورقة صفراء عتَّقها الزمن- خالية إلا من اسمه، وتاريخ ميلاده، ثم تاريخ موته الحقيقي. الحياة.. ليست أيام مُتسارعة، ولا سنين تُطوى، ولا أنفاس تُحصى، ولا بطن مُمتلئ، ولا تشدُّق بكلمات باهتة بلا معنى.. إنما الحياة ما دَرَينا منها وما عَقِلنا، وهي شُعلة.. أحياناً تخبو، ثم تعاود الإشتعال، وما زيت اشتعالها إلّا القوة والإصرار، أما الهدف.. فهو هزيمة الظلام عند اشتداده. الحياة ليست ما أفنيت، بل ما أحييت.. وليست ما حصدت، بل ما زرعت.. وليست ما أتلفت بل ما أبقيت. تحياتي