تؤكد المعطيات العلمية ان رواية العلاقات الدولية ترتبط بإسم بعض المنظرين من المفكرين رواد النظرية الواقعية الذين ساهموا برصد المبادئ الأساسية من أجل البحث في جوهر المداخل والنظريات السائدة في مجال دراسة العلاقات الدولية وبيان أنواع التفاعل بناء على كشف دور الفاعلين حسب مناهجهم الإيديولوجية و الإلتزام بمسؤوليتهم في صياغة مبادئها بتحفظ. فالحياة شبيهة بالسوق الذي تعرض به جميع أنواع السلع النافعة والضارة بما فيها منتهية الصلاحية، حيث يقتني المتبضع ما يشاء بإسراف او تدبير معقلن، لكن في الأخير هو من سيدفع الثمن. لذا حذاري من الإستخفاف بأبسط المعطيات في الحوار الدبلوماسي والبعد الإستراتيجي، هذا سيسمح بهدم العلاقات الدولية والتأثير سلبا على الشعوب وخلق النزاعات الإقليمية والتدخل بالنيابة لبعض الأطراف البعيدة عن محور التوتر، الغاية منه طمس الهوية العربية والإسلامية واستئصال البنية التحتية للتراث الحضاري المادي والمعنوي بآليات محكمة بطريقة تدريجية، أولوياتها زرع الفتن العقائدية والتطرف، هذا ما لا ينسجم والعيش الكريم في ظل القيم الأخلاقية النبيلة. فجوهر الموضوع يرجع بنا إلى التدقيق في مرجعيات منطق العلاقات الدولية بين الأخلاق والمصلحة. إذ لا يمكن النظر إلى العلاقات الدولية بالمفهوم الكلاسيكي النمطي الذي يجمع العلاقات بين الدول من الناحية الدبلوماسية والإقتصادية، بل يجب التركيز على إقصاء الجانب البشري والانساني، هذا الأخير الذي أصبح مجرد كلمة افتتاح بالمحافل الدولية تدغدغ بها مشاعر الشعوب كمسكن يخذر العقول الضعيفة والمتوسطة باعتبارها جزءا من اللعبة السياسية ، من خلال هذا التحليل البسيط يمكن الجزم أن العلاقات الدولية لا ترقى إلى الأخلاق و القيم الإنسانية، إذ ما هي إلا لغة المصالح والأرقام المربحة من المعاملات التجارية و في نفس الآن أعوادا كبريتية فسفورية لإضرام نيران الفتن ما ظهر منها وما بطن. عكس ما يذكر على شمولية العلاقات الدولية وانطوائها على مختلف الجماعات في مجال العلاقات سواء كانت هذه العلاقات الدولية رسمية أو علاقات دولية غير رسمية بما فيها حركات الشعوب في تحقيق توثيق الروابط الإنسانية واحترام الآخر بضبط المبادئ الأخلاقية والقيم والتقيد بالأعراف والقوانين الدولية كمسار تنموي هادف من أجل الحفاظ على التوازن البيئي والإقتصادي والأمن الغذائي وكرامة الشعوب في العمل والتعليم والصحة والعدالة. ما يلاحظ من هذه النازلة الزج المباشر بأوراق الرحلة الأصعب نحو المستقبل إلى صدام اجتماعي أخلاقي حضاري مصدره التفاوت الملموس بين الدول العظمى والمتخلفة في توظيف الخطاب الإقصائي وتأطير الأزمات في جو من التوتر من غرض الاحتقان المجتمعي وزعزعة الاستقرار. د.محمد جستي