حالة من القلق تشهدها الدبلوماسية الخارجية الأوكرانية فى ظل حملة إقالات أجراها الرئيس فولوديمير زيلينسكى خلال الأيام الماضية فى إشارة اعتبرها محللون دليلا على صعوبات داخلية يواجها زيلينسكى فى تسيير أمور البلاد.
كانت الإقالة الأبرز من نصيب السفير الأوكرانى لدى المملكة المتحدة فاديم بريستايكو. القرار فتح تساؤلات عديدة عن الدبلوماسية الخارجية الأوكرانية وهل باتت خارج سيطرة زيلينسكى فى الفترة الأخيرة؟ لا سيما أن سفير كييف لدى لندن انتقد مؤخرا الرئيس الأوكرانى. يرى محللون أنه منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تمكّنت الآلة الإعلامية الغربية من تحويل الرئيس الأوكرانى إلى بطل قومى لدرجة أن ميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين فى مجلس الشيوخ الأميركى لقب زيلينسكى بـالقائد الملهم أثناء زيارة الأخير إلى واشنطن فى ديسمبر الماضى. يشعر زيلينسكى بأنه دخل فى لعبة أكبر من حجم أوكرانيا نفسها فأصبح فى ورطة كبيرة فلا هو قادر على المضي فى اللعب ولا هو قادر على الانسحاب حسب آصف ملحم مدير مركز جى إس إم للأبحاث والدراسات ومقره موسكو. يوضّح ملحم خلال تصريحاته أن الرئيس الأوكرانى يشعر بأنه أمام مأزق كبير فالمعضلة الكبرى تكمن بأن الغاية من الدعم الغربى لأوكرانيا هى استمرار الحرب بهدف تحقيق نصر استراتيجى على روسيا ولكن هذا الهدف صعب المنال فى المدى القريب والمتوسط على الأقل.يضيف ملحم أن الولايات المتحدة تدرك جيدا أنه لا بد من وضع حدّ لهذه الحرب عن طريق المفاوضات التى ستؤدى بالتأكيد إلى تسوية غير تامة فقد تضطر أوكرانيا للتنازل عن بعض أراضيها لروسيا مقابل السلام لا سيما أنه لا يمكن لأى حرب أن تستمر إلى ما لا نهاية كما أن الغرب لا يتجرأ على تقديم كمية كبيرة من السلاح النوعى بحيث تشكل تهديدا استراتيجيا لأمن لروسيا خشية دفع الثمن فادحا. تزامن قرار إقالة السفير الأوكرانى فى بريطانيا مع ما كشفت عنه تقارير إعلامية فى كييف أن وزير الثقافة ألكسندر تكاتشينكو أعلن استقالته من منصبه بعد مطالبة الرئيس الأوكرانى بإقالته بسبب موجة من سوء الفهم بشأن أهمية الثقافة أثناء النزاع مع روسيا وفقا لموقع لينتا الإعلامى الأوكرانى.في 10 يوليو 2022 بين زيلينسكى سبب قراره بإقالة السفراء الأوكرانيين فى عدد من الدول، بما فى ذلك ألمانيا، بأن القرارات جزء طبيعي من الممارسة الدبلوماسية وأن التناوب أمر طبيعى لا سيما بتعيين سفراء جدد لأوكرانيا فى تشيكيا وألمانيا وهنغاريا والنرويج والهند. فسر مراقبون القرارات بأنها جزء من أزمات دبلوماسية تعيشها الرئاسة الأوكرانية فى حقبة زيلينسكى وفى هذا الجو المعقد قد تصبح تصرفات بعض أقطاب النخبة الحاكمة الأوكرانية غير عقلانية بل مبنية على الفعل ورد الفعل من هنا يمكننا أن نفهم الكثير من جوانب السياسة الأوكرانية.زيلينسكي أقال أيضا شخصيات كبيرة مؤثرة في أوكرانيا كما تحدثت تقارير عديدة عن تمهيدات لإقالة وزير الدفاع أولكسي ريزنيكوف وهو فى حالة خلاف مستمر مع بعض القادة العسكريين وخاصة قائد الجيش الأوكرانى فاليرى زالوجنى كما أنه توجد خلافات مستمرة في النخبة الحاكمة الأوكرانية فهم جميعهم ليسوا على قلب رجل واحد. يقول ملحم إنه لا يمكن القول بأنه يوجد تفكك أو فقدان للسيطرة فى السياسة الخارجية الأوكرانية لأن زيلينسكى أيضا يدرك حدوده لكن يمكن القول إنه توجد شروخات بدأت تبرز منذ الأيام الأولى للحرب لكن من الصعب التنبؤ إلى أى درجة يمكن أن تتعمق هذه الشروخات.شروخات بدأت تبرز منذ الأيام الأولى للحرب لكن من الصعب التنبؤ إلى أى درجة يمكن أن تتعمق هذه الشروخات. مكافحة الفساد
يقول جولى ميتروخين المتخصص بالسياسة الدولية بجامعة تافريسكى الأوكرانية إن ملف مكافحة الفساد فى أوكرانيا وإقالة بعض القيادات في السلك الدبلوماسى الأوكرانية على مدار شهور الحرب يؤكدان أن هناك صعوبات داخلية يواجها زيلينسكى فى تسيير أمور البلاد.
يُشير جولى ميتروخين خلال تصريحاته إلى قضية مطلع العام الجاري والتى كشفت مجموعة إجرامية منظمة قامت باختلاس أموال كانت مخصصة لإعادة إعمار وتجديد مرافق البنية التحتية الحيوية بالدولة وتزويد السكان بالكهرباء والمياه ووسائل التدفئة خلال الشتاء الجارى وذلك من خلال إبرام عقود باهظة الثمن وتم اعتقال نائب وزير تنمية البلديات والأقاليم والبينة التحتية لوزنكيتش عقب التأكد من تلقيه رشوة بقيمة 400 ألف دولار.
يؤكد ميتروخين أن عمليات الإقالات والتغيرات طبيعية نظرا للظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد فنحن فى حالة حرب مؤكدا أن معسكر الحكم نفسه لديه وجهات نظر مختلفة سواء فى إدارة الهجوم المضاد أو الذهاب لمفاوضات مع الروس.