ادراك الشاعر المتخيل للزمن وطريقة تصويره يختلفان حسب الثقافة والتاريخ والتجربة الشخصية من شاعر الى آخر وللشاعر نفسه. فمن الممكن أن يتم تصوير الزمن بطرق مختلفة في القصيدة، إذ يعتمد ذلك على المضمون الذي يريد الشاعر إصاله وعلى الرؤية الفلسفية أو الثقافية التي ينتمي إليها.
من بين الطرق الشائعة التي يتم بها تصوير الزمن في القصيدة: هو ان يكون التصوير الزمني مجرداً، حيث يتم تصوير الزمن بعدما يتم فصله عن أي تفاصيل أو أحداث محددة. يمكن أن يتم تصوير الزمن هنا على شكل سلسلة من الأرقام أو الحروف التي تشير إلى الزمن المنقضي أو المستقبلي. او ان يكون التصوير الزمني مرتبطاً بالحياة، حيث يتم تصوير الزمن بشكل مرتبط بالأحداث والتجارب الحياتية الشخصية للشاعر. ويمكن أن يتم تصوير الزمن هنا بأسلوب سردي يصف الأحداث الهامة التي شهدها الشاعر خلال حياته. او ان يعتمد الشاعر التصوير الزمني الفلسفي، حيث يتم تصوير الزمن بشكل مرتبط بالرؤية الفلسفية التي ينتمي إليها الشاعر. كما يمكن أن يتم تصوير الزمن بأسلوب يتناول الأفكار الفلسفية المرتبطة بالزمن ومدى تأثيرها على حياة الإنسان. بالاضافة الى امكانية التصوير الزمني المتشابك، حيث يتم تصوير الزمن بشكل متشابك ومرتبط بالأحداث والتجارب الحياتية والرؤية الفلسفية للشاعر. حيث يتم تصوير الزمن هنا بأسلوب يجمع بين العناصر السابقة ويصف العلاقة الوثيقة بين الزمن والحياة والفلسفة.
فالشاعر يصور الزمن عادة بأسلوب يعكس رؤيته الشخصية للحياة والعالم وتجربته الفريدة كإنسان. ويُعتمد تصوير الزمن في القصيدة على قدرات الشاعر الإبداعية ومدى قدرته على التعبير عن تجربته الفريدة بأسلوب شعري يلامس مشاعر القارئ ويثير تفكيره.
هذا ما نجد ان الشاعرة آمال بوحرب طبقته وبشكل احترافي في قصيدة “حين أحببتك” التي ترصد لحظة مشاعرية تصور فيها الحب والأحاسيس المتعلقة به، وهي تعبر عن تجربة شخصية للمتكلم. تتميز القصيدة بالأسلوب الشعري المميز، حيث تم استخدام الرموز والصور الشعرية بشكل متقن لإيصال مشاعر الحب والشوق للقارئ.
قدمت القصيدة الأسلوب التصويري المتقن، حيث تم استخدام الزمن كرمز للشوق والحنين والخوف والأمل. فتستخدم الشاعرة مفردات بسيطة ولكنها قوية لإيصال مشاعرها، مثل “عندما أبكي أعرف أنني في تمام ساعة الشوق” و “وحين يحترق الفؤاد شوقا اليكَ، أعرف أنه صيف”. هذه الجمل تستخدم الزمن كرمز للحالة العاطفية للشاعرة. وهناك صور متنوعة لفصول السنة، والتي تعبر عن احاسيس المتكلم، مثل “عندما أراكَ أتمنى أن يتوقف الزمن”، و “حين يلفني برد الحنين الى حضنكَ أعرف أنه شتاء”، و “وحين أغار تتعرى كل مشاعري امامكَ، أعرف أنه الخريف”. تعتبر هذه الصور رموزاً عاطفية معبرة للغاية. وهناك الرموز الشخصية ايضاً، مثل ” عندما أكحل عيوني برؤياك يختال فصل الربيع”، والتي تعبر عن الأمل والسعادة التي تشعر بها الشاعرة عند رؤية الحبيب.
من الناحية النظرية، يمكن القول إن النص يتمحور حول نظرية إدراك الزمن، حيث يتم استخدام الزمن كرمز للحالة العاطفية، وقد تم ربط الفصول الأربعة بالاحاسيس كرموز تعبر عن المشاعر . وكأن الزمن هنا مكوناً مهماً في تشكيل الإحساس بالحب والشوق، حيث يتعلق الزمن بالذاكرة والتجارب السابقة، فهو يؤثر على الطريقة التي يشعر بها الشخص تجاه الاخرين. ان نظرية إدراك الزمن تعتبر أحد المفاهيم الهامة في علم النفس الإدراكي. تقول هذه النظرية إن الاشخاص يحددون مدة الزمن المنقضي والمستقبلي بشكل مختلف، حسب حالتهم النفسية والنشاط الذي يمارسونه. وهذا بدوره يؤثر على كيفية تفسير وتعامل الإنسان مع الأحداث والتجارب التي يعيشها والأشخاص الذين يتعامل معهم.
في النص، يتضح هذا العلاقة بالزمن بوضوح، حيث تشير الشاعرة إلى أنه “عندما أبكي أعرف أنني في تمام ساعة الشوق”، و “وحين يحترق الفؤاد شوقا اليكَ، أعرف أنه صيف”. وهذا يشير إلى أن الشاعرة تعلق مشاعرها وحالتها العاطفية بالزمن، وتعتبرها جزءًا من تجربتها الشخصية. فالنص يتخذ الزمن جزءًا أساسيًا من تجربة الحب والشوق وهذا يمكن تطبيقه على بقية الحالات المشاعرية التي يمر بها الانسان، وأن المشاعر العاطفية والزمن ترتبط بشكل وثيق. ويمكن أن يؤثر الزمن على الطريقة التي يشعر بها الإنسان، ويمكن أن يؤثر على كيفية تفسيره للأحداث والتجارب التي يعيشها. وقد لجأت الشاعرة لاستخدام كافة انواع التخيل الزمني وادراكه لايصال فكرتها، وهذا ما يجعل النص قابلاً للتأمل فيه، فهو يساعد في فهم عميق للعواطف والمشاعر الإنسانية وتأثيرها على حياتنا.