د. آمال بوحرب / تونس تتحدث قصة “زهرة البنفسج” عن مريضة تعاني من مرض الزهايمر وتتذكر فقط اسم حبيبها السابق “أحمد”. يتم استخدام اللوحة القديمة التي تحتوي على زهرة البنفسج وهي تنمو وسط اكوام الجليد كرمز للعلاقة السابقة بين المريضة وأحمد، والتي لم تتغير مشاعرها تجاهه رغم فترة طويلة من الانفصال والفراق. يمكن ربط هذا بنظرية التعلق النفسية التي تشير إلى أن العلاقات السابقة يمكن أن تؤثر على السلوك والتفكير اللاحق للأفراد. نظرية التعلق النفسية هي نظرية نفسية تهتم بدراسة العلاقات الإنسانية وتأثيرها على النمو النفسي والاجتماعي للأفراد. تعتمد هذه النظرية على فكرة أن العلاقات الإنسانية والتواصل الاجتماعي يمكن أن تؤثر على تطور شخصية الفرد وسلوكه وعلاقاته المستقبلية. حيث يقول جون بولبي “التعلق هو نظام سلوكي متكامل يشبع حاجة الفرد إلى الحماية والرعاية والأمان. وهو يؤدي إلى إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين ويسهم في تطوير شخصية الفرد ونموه النفسي”. اما ماري آينزورث فتعتبر العلاقة بين الطفل والأم أساسية في تطوير الشخصية. فالأمان الذي يوفره الأم للطفل يؤثر على اكتسابه للثقة بالنفس والأمان من الآخرين. ويمكن قياس جودة العلاقة بين الطفل والأم من خلال تطبيق اختبار تصنيف السلوك الغريب. و تضيف كارولينا سزميك “أن العلاقات الإنسانية المبكرة تؤثر على تطور الشخصية والعلاقات الاجتماعية المستقبلية للفرد. ويمكن للحوادث السلبية التي تحدث في الماضي أن تؤثر على العلاقات الإنسانية في المستقبل وتؤدي إلى مشاكل في العلاقات الاجتماعية والنمو النفسي”. وبالرغم من انه لا يوجد علاقة مباشرة بين نظرية التعلق النفسية ومرض الزهايمر. الا ان هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن العلاقات الإنسانية والتواصل الاجتماعي قد تلعب دورًا في تأثير مرض الزهايمر على الأفراد وتطوره. حيث تؤكد ماري أبيل انه “يمكن أن تساعد العلاقات الإنسانية القوية والتواصل الاجتماعي على تخفيف أعراض مرض الزهايمر. فالأفراد الذين يتمتعون بدعم اجتماعي قوي وعلاقات إيجابية قد يعانون من أعراض أقل ويتحسنون بشكل أفضل”. أما ليندا كارتر فتضيف “ان بعض الدراسات تشير إلى أن العلاقات الاجتماعية القوية يمكن أن تحسن من وظائف الدماغ وتقلل من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. ويمكن أن تساعد التفاعلات الاجتماعية الإيجابية في تحسين عملية التعلم والتذكر والحفاظ على الذاكرة”وتخبرنا . بيثاني هوكينز “ان بعض الدراسات تشير إلى أن الأفراد الذين يعانون من مرض الزهايمر يمكن أن يستفيدوا من برامج دعم اجتماعي والمشاركة في أنشطة اجتماعية خاصة. فهذه الأنشطة يمكن أن تحسن الحالة النفسية والعاطفية للمرضى وتساعدهم في الاستمرار في الحياة الاجتماعية والحفاظ على الذاكرة والوظائف العقلية”. لذا يمكن لحالة الفقد، بمعنى فقدان شخص عزيز، أن تزيد من اعراض الزهايمر لدى الأشخاص المتعلقين بأشخاص معينين. فالزهايمر هو اضطراب في الدماغ يؤثر على الذاكرة والتفكير والتصرف، ويمكن أن يتسبب في فقد الذاكرة وتدهور الوظائف العقلية العليا. وهذا يفصل ان حالة فقد شخصا بالنسبة لأشخاص مصابين بمرض الزهايمر قد ينتج حالات تتصف بالاتي: 1- الإجهاد النفسي: يمكن أن يؤدي الفقدان إلى الشعور بالحزن والاكتئاب والانعزال، مما يزيد من مستويات الإجهاد النفسي والتوتر ويؤثر سلبًا على الصحة العقلية للأشخاص المتعلقين بأشخاص مصابين بمرض الزهايمر. 2- عدم القدرة على المساعدة: يمكن أن يشعر الأشخاص المتعلقين بأشخاص مصابين بمرض الزهايمر بالعجز وعدم القدرة على المساعدة، مما يزيد من مستويات الإحباط والضغط النفسي. 3- الانعزال الاجتماعي: يمكن أن يؤدي الفقدان إلى الانعزال الاجتماعي وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين، مما يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية ويزيد من مستويات الاكتئاب والقلق. و يمكن أن يؤثر الفقدان على الأشخاص المتعلقين بأشخاص مصابين بمرض الزهايمر بشكل سلبي على الصحة العقلية والجسدية، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة في الأعراض والتدهور في الوظائف العقلية للمرضى المصابين بالزهايمر. لذلك، يجب أن يحرص الأشخاص المتعلقين بأشخاص مصابين بمرض الزهايمر على الحفاظ على التواصل الاجتماعي والدعم النفسي والاستمرار في الاهتمام بصحتهم العقلية والجسدية. فيصور النص المعاناة التي تعاني منها المريضة والصعوبات التي تواجهها في التفاعل مع العالم الخارجي وفقدانها الذاكرة والتحكم في الأحداث. ومع ذلك، تعرض القصة أيضًا الأمل في التحسن والتغلب على المشاكل الصعبة التي تواجهها. تعطي القصة رسالة إيجابية عن القوة الداخلية والقدرة على التغلب على الصعاب. كما يمكن اعتبار “زهرة البنفسج” قصة عن العلاقات السابقة والذكريات، والتأثير الذي يمكن أن تتركه العلاقات على حياتنا وصحتنا النفسية.
و يمكن ايضا تفسير قصة “زهرة البنفسج” على أنها تسلط الضوء على مرض الزهايمر وتأثيره الشديد على الذاكرة والشخصية والحياة اليومية للأفراد. ويمكن اعتبار الزهرة البنفسج كرمز لهذا المرض، حيث يتم تمثيل نمو الزهرة في أكوام الجليد كتمثيل لتدهور الحالة الصحية للمريض. وتشير القصة أيضًا إلى أن الحب والعلاقات القديمة يمكن أن تظل موجودة في الذاكرة وتؤثر على السلوك والتفكير اللاحق للأفراد، حتى في حالة فقدان الذاكرة. ويمكن اعتبار هذا التأثير كنوعٍ من الذاكرة العاطفية، حيث يتم تذكر العواطف والمشاعر السابقة في العلاقات الحميمة، بالرغم من فقدان الذاكرة الحرفية. وتعطي القصة رسالة إيجابية عن الأمل والتحدي والقدرة على التكيف مع الصعوبات التي تواجهنا في الحياة، سواء كنا نعاني من مرض مثل الزهايمر أو نواجه تحديات أخرى. وتذكرنا القصة بأن الذكريات والعلاقات القديمة يمكن أن تكون قوية ومؤثرة، وتشجعنا على الاهتمام بأحبائنا والحفاظ على العلاقات القديمة والجديدة في حياتنا. ويمكن أيضًا تفسير قصة “زهرة البنفسج” كتذكير بأهمية العناية بصحة المخ والذاكرة، والحفاظ على نمط حياة صحي ونشط. فقد تم الإشارة إلى أن الزهايمر هو المرض الذي يتسبب في فقدان الذاكرة وتدهور الحالة الصحية للمرضى، ويمكن الوقاية منه باتباع نمط حياة صحي والحفاظ على النشاط العقلي والبدني. الزهرة البنفسج نفسها قد تكون كرمز للجمال والأنوثة والحياة، حيث تمثل هذه الزهرة النضج والمثالية والإيجابية. ويمكن استخدامها كرمز للأمل والتفاؤل والحب، وهي قيم ومفاهيم متعلقة بالحياة التي يمكن للأفراد الاستمرار في الاعتناء بها وتحقيقها بغض النظر عن الصعوبات التي يمرون بها. ويمكن إعتبار القصة كدرس في التفاؤل والإيمان بالأمل، حتى في الأوقات الصعبة والظروف الصعبة. فالمريضة في القصة تواجه صعوبات كبيرة في الحياة بسبب مرضها، لكنها تستطيع الاحتفاظ بذكرياتها الجميلة والموجودة فيها حتى في الظروف الصعبة، وتظل متفائلة ومتحمسة للعثور على حبيبها السابق، يمكن تفسير قصة “زهرة البنفسج” بعدة طرق مختلفة، وتمثل رسالة إيجابية ومؤثرة عن الحياة والحب والعناية بصحتنا النفسية والجسدية.أو تفسير القصة على أنها تشير إلى أهمية الذاكرة والتذكر والتعلم في حياتنا. فالذاكرة هي عنصر أساسي في حياتنا اليومية وتساعدنا في الاستفادة من الخبرات السابقة وتعلم الأشياء الجديدة. وتظهر القصة كيف يمكن لفقدان الذاكرة أن يؤثر على حياة الأفراد ويجعلهم يفقدون الاتصال بالعالم الخارجي ويشعرون بالعزلة والضياع. وزهرة البنفسج قد تكون كرمز للفرح والسعادة، حيث تعكس هذه الزهرة الحياة والأمل والتفاؤل. ويمكن استخدامها كرمز للمرح والسعادة والبهجة، وهي قيم ومفاهيم يمكن للأفراد السعي لتحقيقها في حياتهم. وربما نراها كتذكير بأهمية العلاقات الإنسانية والاتصال بالآخرين. فالعلاقات الاجتماعية والتواصل الإنساني يمكن أن يساعد على تحسين الصحة النفسية والعاطفية للأفراد، ويمكن أيضًا أن يساعد على تحسين الذاكرة والتعلم. و تشير قصة “زهرة البنفسج” إلى أن الحياة مليئة بالصعوبات والتحديات، ولكن يمكن للأفراد البقاء متفائلين ومتحمسين والسعي لتحقيق الأمل والسعادة والعلاقات الإيجابية في حياتهم. ويمكن لهذه الرسالة الإيجابية أن تلهم الأفراد وتساعدهم على تحقيق أهدافهم وأحلامهم في الحياة. وتعبر القصة بوضوح عن رأي الكاتبة كارول بوك، “لا يتذكر المرء ما قلت، ولكنه يتذكر كيف أحسّ بكلامك” وهذا الاقتباس يرتبط بنظرية الاتصال الفعال، التي تقول إن الاتصال الفعال ليس مجرد إيصال المعلومات، بل هو أيضًا إيصال الشعور والمشاعر بشكل صحيح. وفي الزهايمر، يمكن لهذا الاقتباس أن يذكرنا بأن الأشخاص المصابون بالزهايمر قد يتذكرون الشعور الذي تركه عليهم شخص ما أكثر من تفاصيل المحادثة التي جرت.وهنا نجد المريضة لا تتذكر سوى أحمد. وهذا يأتي متوافقا مع قول ستيف جوبز “ان الأشياء التي نحبها نفعلها دائمًا أفضل من الأشياء التي لا نحبها” يمكن لهذا الاقتباس أن يشجع المرضى على الاستمرار في القيام بالأنشطة التي يستمتعون بها، مما يمكن أن يحسن من مزاجهم ويعزز قدرتهم على الاستمرار في القيام بالأنشطة اليومية. لذا نجد المريضة تسترجع اسم احمد، الشخص الذي تحبه اكثر من اي شيء. لتأتي النهاية متوافقة مع قول ماكس مولر “لا يمكن أن تنمو الزهور بدون أشعة الشمس، ولا يمكن أن تنمو الإنسان دون الحب” ،الذي يؤكد إنه لتحقيق النمو النفسي الصحي، يجب تلبية احتياجات الإنسان النفسية الأساسية مثل الحب والانتماء والتقدير وهو يشير إلى أن العلاقات الاجتماعية والمحبة والرعاية يمكن أن تكون مفيدة للمرضى وتحسن من مزاجهم ونوعية حياتهم.
كانت المرأة في حالات كثيرة تتجول في ذاكرتها القديمة وتتذكر شخصًا يدعى “أحمد” وتتحدث عنه دون تذكر أي شيء آخر. يتم استخدام الذكريات القديمة والأشخاص القدامى كطريقة للتحسين من حالتها النفسية والتقدم في الحياة. ككل الأفراد الذين يتعلقون بشخص ما يعتبرونه آمنًا وموثوقًا به، وعند فقدان هذا الشخص يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأثيرات نفسية سلبية، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، تحدث السيدة المريضة باستمرار عن “أحمد” الذي كان شخصًا مهمًا في حياتها، ويبدو أن ذلك يساعدها على التغلب على حالتها النفسية الحالية والتقدم في الحياة. اما لوحة زهرة البنفسج فهي تنمو وسط الجليد كرمز للأمل والحياة التي تستمر في النمو والتطور رغم الصعوبات والتحديات التي يمكن أن تواجهها الأفراد في الحياة. وبذلك، يمكن القول إن القصة تحمل رسالة إيجابية عن قوة الإرادة والتمسك بالذكريات الإيجابية والأشخاص الذين يعنون الكثير للأفراد في حياتهم.