المناعة النفسية خط دفاع أول أمام المرض النفسي وهي منطلق ذاتي، فالنفس جبّارة متى ما استعدت للمواجهة وهي ذاتها المنهارة إذا تخاذلت في صد الظروف وارتمت في بؤر الإحباط والاستسلام.
إنّها القدرة على التمتع بأكبر قدر ممكن من المرونة، والتكيف مع الضغوط النفسية والاجتماعية، وتقبُّلها وتجاوزها دون السماح لها بإصابتنا بالحزن أو الاكتئاب، من خلال تغيير طريقة التفكير، وضبط الانفعالات، والتركيز على الحلول بدلاً من التركيز على المشكلات، وتقبُّل الفشل والتجارب السلبية والنظر إليها على أنَّها جزء من رحلة الحياة، حيث تمنحك المناعة النفسية تفكيراً منطقياً، وصبراً ورضاً وتفاؤلاً، ومقاومةً للأزمات، ورفضاً لمشاعر الغضب والسخط والاستياء والعجز والهزيمة، وهي قدرة الفرد على استخدام السبل والآليات والاستراتيجيات لمواجهة الصعوبات الاجتماعية والتکيفية والضغوط النفسية.
وتمتلك النفس قوى خفية عظيمة تحتاج فقط البحث عنها، فلكل إنسان ملكات ولكل عمر عزائم ولكل مرحلة وقود يجب أن تستثمر لتكون خطوط دفاع متينة قوية تصدر أوامرها للعقل والقلب بإيجاد تكتل لمنع وقوع المرض.
تقوم المناعة النفسية بالعديد من الأدوار والمهام الجوهرية والتي تساعد الفرد على التعايش مع الصراعات الانفعالية والضغوط وحماية الذات من الأذى الانفعالي، والمرونة والتکيف مع التغيرات البيئية المختلفة، والتبرير أو التفسير المنطقي للانفعالات السيئة بحيث تکون انفعالات منطقية وليست مندفعة.
وتتمثل صفات الأفراد المتسمين بالمناعة النفسية في الآتي: التفکير الإيجابي، والقدرة على حل المشکلات، ومقاومة الفشل والتعبير عن الذات بصورة إيجابية، والقدرة على التحکم الذاتي والتدعيم الذاتي، ومواجهة التحديات بطريقة إبداعية، والإحساس بالسيطرة والتماسك، ونمو وتطور وتقدير الذات، والتفاؤل والنظرة الإيجابية للحياة والإقبال عليها، والقدرة على إدارة الغضب، والمبادرة الذاتية والثقة بالذات، والمرونة الشخصية والقدرات الشخصية والترکيز نحو الهدف.
ومن أعراض غياب المناعة النفسية: * صعوبة في التواصل مع الآخرين. * الانهيار عند أمور لا تستحق ذلك. * الأرق الشديد. * سرعة الانفعال وفقدان السيطرة على النفس. * الخجل الاجتماعي، والمجاملة لدرجة الاحتراق من أجل الآخرين. * تقديرٌ متدنٍّ للذات. * الحساسية المفرطة.
وتتمثل أنواع المناعة النفسية في الآتي: أ- مناعة نفسية طبيعية: هي مناعة ضد الصدمات والأزمات موجودة عند الإنسان في طبيعة تکونه النفسي الذي هو محصلة التفاعل بين الوراثة والبيئة فالشخص صاحب التکوين النفسي الصحي يتمتع بمناعة نفسية عالية ضد الأزمات ومواجهة الصعاب.
ب- مناعة نفسية مکتسبة: هي مناعة يکتسبها الفرد من الخبرات والمهارات والمعارف التي يتعلمها من مواجهة الأزمات والشدائد حيث تعمل هذه الخبرات والمعارف کتطعيم نفسي ينشط الجهاز المناعي للفرد وتزيد من قدرته على تحمل الأزمات .
ج- مناعة نفسية مکتسبة صناعياً: هي مناعة يکتسبها الفرد من تعرضه عمداً لمواقف مثيرة للقلق والتوتر والغضب مع تدريبه على السيطرة على انفعالاته ومشاعره وطرد وساوس القلق وإبدالها بأفکار ومشاعر مفرحة في هذا الموقف.
ويمكن الوصول إلى المناعة النفسية من خلال اتباع ما يلي:
* مرافقة الأشخاص الإيجابيين، والابتعاد عن التذمر والشكوى، وتقبُّل الواقع كما هو مع العمل على تحسينه.
* تعزيز الثقة بالنفس، فالإنسان الواثق من نفسه يتمتع بمناعة نفسية قوية، ولا يسمح للتجارب السلبية أن تهز ثقته بنفسه، أن تملأ روحك بالرضا.
* تقبل الفشل أو الخطأ، وعدم جلد الذات، والتركيز على الدروس المستفادة من الفشل.
* تدريب النفس على الثبات الانفعالي، وهو التحكم بردود فعلك، والتحكم بتوترك وقلقك الذي يُسبب الهشاشة النفسية.
* وضع هدف واضح لنفسك، ويمنحك تحديد الهدف تصميماً وإرادةً، عندها تحصن نفسك من أي إحباط أو انكسار.
* وضع أهداف واقعية قابلة للتحقيق والعمل على إنجازها، وإن كانت هناك مشكلة ضع حلولاً منطقية تساعدك على حلها، ولا تهرب من مواجهتها.
* تقبل التغيير الذي يحدث في أمور الحياة والنظر إلى التغيير على أنّه جزء من رحلة الحياة ولا بد منه، والنظر للجانب الإيجابي من الأزمات وعدم التركيز على الخسائر والجانب السلبي.
*اسمح لنفسك أن تفهم ذاتك وتتعرف عليها وحافظ على مشاعر إيجابية، وإن كانت هناك مشاعر سلبية يجب أن نتعامل معها بطريقة صحيحة من خلال تكوين علاقات اجتماعية جيدة. للمقال بقية تحياتي نجوى نصر الدين