هبه الخولي/ القاهرة
تحظى جزيرة سيناء بمكانة متميزة في قلب كل مصري.. مكانة صاغتها الجغرافيا وسجلها التاريخ وسطرتها سواعد ودماء المصريين على مر العصور، فهي قلب مصر وبوابتها الشرقية ومنطقتها الاستراتيجية لحماية السلم والأمن القومي.. احتضنت الأنبياء الذين جاءوها يحملون مشعل الحضارة والديانات ،
هي بيئة ثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة برمالها الذهبية وجبالها الشامخة، وشواطئها الساحرة ووديانها الخضراء.
يسكنها قبائل البدو المتمسكين بالعادات والتقاليد ذات الثوابت عند مشايخها وعواقلها، بالرغم من التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم، وما أحدثه من خلل في الترابط الأسرى، والتي تهدف في الأساس إلى التواصل وليس العزلة.
ترتكز الحياة لدى أهلها على رابطة الدم، ويتماسك سكانها على
هيئة قبائل وعشائر وعائلات، ويمثل الشيخ رأس الهرم الاجتماعي للقبيلة يعاونه القضاة العرفيون ووجهاء القبيلة، ولكل قبيلة منطقتها الخاصة بها، ولها حدودها المرسومة مع القبائل المجاورة لها، والتي تبحث عن المأكل والمشرب في حدود هذه المنطقة، والبدوي الذي يهجر منطقته لا يهجرها إلا لأسباب قاهرة، إذ أن الولاء للبدوي يكون لقبيلته ثم لعشيرته ثم لعائلته، وهو يتفاخربهذا الولاء، ولهذا يحفظ عن ظهر قلب سلسلة أجداده الأقدمين ويعلمها لأبنائه، ويتعاظم المركز الاجتماعي للبدوي بقدر تمسكه بمبادئ النخوة والحمية وإغاثة الملهوف ومراعاة حرمة الجار والعفاف والصدق والأمانة، و كذلك لكل قبيلة عاداتها وتقاليدها التي تنفرد بها عن القبائل الأخرى ومن طبيعة البدوي الحذر من المجهول، لذلك تجده خبيرا في تطورات الطقس وسقوط الأمطار وحدوث السيل وتوقع القحط. ً
وتتنوع اللهجات في سيناء بتنوع قبائلها، فلكل قبيلة لهجتها التي تتميز بها عن غيرها من القبائل، وكل اللهجات البدوية في سيناء تتفرع من اللغة العربية الفصحى، وأفضل عربية منطوقة توجد بين القبائل الكبرى في سيناء، كما أن المجتمع البدوي في سيناء مجتمع بطيء الاستجابة للمتغيرات الثقافية والاقتصادية، وربما يرجع ذلك إلى حرصهم على تمجيد الماضي، والاعتزاز بعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم، والافتخار بسير آبائهم وأجدادهم.
حول عادات وتقاليد البدو ما بين المتغير والثابت استكمل الأستاذ حمد شعيب محاضر بهيئة قصور الثقافة ملتقى اليوم ضمن ثاني محاور الخصوصية الثقافية الذي تنفذه الإدارة المركزية لإعداد القادة الثقافيين برئاسة الدكتورة منال علام للعاملين بهيئة قصور الثقافة عبر البث المباشر مؤكداً على أن أبرز ما يميز البدوي إكرام الضيف شأنه في ذلك شأن أهل البادية اللذين يتنافسون في إكرام ضيوفهم إذا حل بمجلسهم وذلك حسب مكانته الاجتماعية، ويتبارى الجميع في تقديم واجب الضيافة خاصة إذا كان من الغرباء.
ثم تناول القضاء العرفي الذي يمتلك ثروة من قواعد وأحكام تراكمت على مر السنوات نتيجة لخبرات طويلة، تعترف بها القبائل والعشائر كقانون غير مكتوب، قادر على حماية أبناء القبيلة واستمرار بقائها ، والتي من بينها – الوجاهة التي يحكم القاضي العرفي بها في بعض الأحيان بمبالغ كبيرة في قضايا القتل أو العرض والتي قد لا يستطيع المحكوم عليه تحمل هذه المبالغ ،عندئذ تتحمل القبيلة كلها المبلغ فيدفع كل فرد ذكر بالغ نصيبًا في هذا “الغرم”، أما إذا استكثرت القبيلة المبلغ أو لم تستطع السداد، حينئذ يقوم زعماؤها باصطحاب بعض زعماء القبائل الأخرى من غير أطراف النزاع، ويتوجه الجميع إلى المقضي لصالحه طالبين منه تخفيض المبلغ ويسمى هذا الوفد “وفد الجاهة” وأحيانا يصطحب المحكوم عليه نساءه وأولاده وبعض الهدايا ليسترحم صاحب الحق طالبا التنازل عن الغرامة أو جزء منها، ويعرف ذلك عند البدو “بالوجاهة”، وغالبًا ما يوافق صاحب الحق ويتنازل عن الغرامة أو جزء منها، كرًما منه وشهامة ،لأن رفض التنازل عند البدو يعتبر بخًلا وعدم مروءة .
كما تناول بالشرح والتفصيل قص الأثر ليس كصناعة بل موهبة فطرية تتطور مع التجارب واكتساب الخبرات من الأباء والأجداد.
كما تناول أداب الطعام والشراب وكيف يكون الأطفال قائمين على خدمة الكبار حتى يفرغوا من طعامهم ولا تشاركهم النساء على المائدة ،مع عدم استخدام أدوات المائدة في ذلك بل الأيدي وحسب وخاصة اليد اليمنى .
خاتماً الملتقى بالحديث عن الزي البدوي عند الرجال والنساء والحلي وعادات الحياة لديهم من ميلاد وحياة وموت .