*أسطورة تماسيح النيل*
*بقلم : محمد عتابي*
مع بدايات *أغسطس* من كل عام تفرض حالة من الجدل حول *قضية التماسيح في بحيرة ناصر* التابعة لمحافظة أسوان جنوب العاصمة المصرية، وفي هذا الشهر يتم فيه وضع (البيض) وتتراوح مدة فقس البيض 40 يوما،
حينها تنتشر التماسيح الصغيرة التي يتم اصطيادها بسهولة لعدم قدرتها على السباحة في الأعماق على الشواطئ فيصطادها الصيادون باليد لبيعها. ويتم استغلال التماسيح الصغيرة التي يبلغ طولها 25 سم، ببيعها لأهل المحافظة
وتحديدا في *القرى النوبية* المعروف عنها أنها مزار للسائحين، فيتولى أهل هذه القرى تربية التماسيح لمدة سنوات، ويكون بمثابة وسيلة *لجذب انتباه السائحين* والتقاط الصور التذكارية معها،
مع الوضع في الاعتبار، أن مصر سبق وأن وقعت على اتفاقية استكهولم الدولية التي تحظر صيد التماسيح ببحيرة ناصر لتحقيق التوازن البيئي، ويجب مراعاة هذه الاتفاقية في التعامل مع تماسيح البحيرة.
*صيد التماسيح*
وحددت القوانين المصرية عقوبة صيد التماسيح، حيث إنها تندرج تحت قانون البيئة لعام 2009. الذي يحظر القيام بصيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والكائنات الحية المائية، أو حيازتها أو نقلها أو تصديرها أو استيرادها أو الاتجار فيها حية أو ميتة كلها أو أجزاء منها أو مشتقاتها، أو القيام بأعمال من شأنها تدمير البيئة الطبيعية لها وتصل العقوبة بغرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه.
ونظرا لزيادة مساحة البحيرة، لذلك فمن الصعب إحكام السيطرة عليها، ويستغل الصيادون هذه الفرصة لصيد التماسيح من خلال عدة حيل أحدثها إلقاء الطعم وهو عبارة عن أسماك صغيرة متنوعة داخل «جركن» كبير،
والذي يتم تحريكه لمدة ساعتين بهدف إرهاق التمساح حتى يسهل السيطرة عليه، ومن ثم يتم اصطياده بوضع قطعة خشبية في فمه وغلقه ويكون في هذه اللحظة التمساح مستسلما للوضع، ويتم التخلص منه بذبحه والحصول على جلده لبيعه.
ومن جانبها، قالت دراسة صادرة من كلية تكنولوجيا المصايد والأسماك بجامعة أسوان، إن التماسيح ليست هي السبب الرئيسي في تدني الإنتاج السمكي في بحيرة ناصر، كما يشاع لأنها لا تستهلك كميات كبيرة من الأسماك.
وقالت الدراسة عن الوضع الراهن للتماسيح في بحيرة ناصر، وأثرها على المخزون السمكي إن العدد الفعلي للتماسيح في البحيرة يتراوح من 6000 – 30000 تمساح فوق اليابس وفي الماء، وإن الغالبية العظمي من التماسيح ذات أحجام صغيرة ويبلغ عمرها عامًا تقريبًا، بينما 10 في المائة منها فقط تماسيح بالغة وبأحجام كبيرة، فضلاً على أن 2 في المائة فقط من صغار التماسيح تستطيع أن تصل لحجم 1.5 متر أي إن عددها يقل ولا يزيد.
وكشفت الدراسة عن أن السنوات الأخيرة شهدت أقاويل كثيرة حول تزايد أعداد التماسيح في بحيرة ناصر خاصة في المنطقة الجنوبية للبحيرة، وأنها تهاجم الصيادين، وتمزق شباك الصيد،
بالإضافة إلى أنها تستهلك كميات كبيرة من الأسماك، وأنها السبب الرئيسي في تدهور إنتاج البحيرة، لذا اقترح البعض أنه لا بد من التخلص منها وإبادتها من البحيرة، لذلك أعدت هذه الدراسة الاستكشافية من أجل كشف الغموض عن جوانبها المختلفة، وإمكانية الاستفادة منها كمجال استثماري واعد في مصر أسوة بالدول الرائدة في هذا المجال.
ودعونا نتناول مثالا اخر
*بحيرة فيكتوريا* ، أكبر بحيرات إفريقيا وثانى أكبر بحيرات العالم وتقع فى منابع النيل الأبيض، نجد أن التماسيح تتجول بكل حرية على شواطئ وجوانب البحيرة، وتضع بيضها فى الأراضى الرملية المحيطة بالبحيرة،
وتتكاثر دوريا، وتزداد أعدادها.. ومع ذلك فإن الدول الثلاث المطلة على البحيرة وهى (كينيا وتنزانيا وأوغندا) يصدرون كميات هائلة من أسماك البحيرة، خاصة قشر البياض والبلطى، والتى تطير طازجة إلى أوروبا يوميًّا، حتى إن كينيا التى تحتل 6% فقط من شواطئ البحيرة تصدّر أكبر مما تصدره الدولتان الأخريان
، مثل تنزانيا التى تحتل المساحة الأكبر وتليها أوغندا، لامتلاكها تقنيات أحدث ومراكب مؤهلة، وتمثل هذه الصادرات نسبا مرتفعة من الناتج القومى الزراعى للدول الثلاث؛ أى أن وجود التماسيح لم يقلل من كميات أسماك البحيرة
ومتواجدة معها فى حالة توازن بيئى وتنوع إحيائى، وأن لديها مصادر أخرى للغذاء غير الأسماك، بالإضافة إلى كونها مصدرا للجذب السياحى لهذه الدول، فى وعلى شواطئ البحيرة ومتنزهاتها الطبيعية البيئية
نفس الأمر يتكرر حين يتحدث البعض عن شواطئ مصرية طويلة وممتدة عبر آلاف الكيلومترات للبحرين المتوسط والأحمر وقناة السويس ونهر نيل بطول 1200 كم، وبحيرة قارون وبحيرة ناصر وخمس بحيرات شمالية..
ومع ذلك لا نستغل كل هذا فى صيد الأسماك، وكأننا شعب من الكسالى لا يريدون العمل، ولا أن الصيد فى مصر ليس مهنة قديمة مترسخة!. وحقيقة الأمر بالنسبة للبحرين الأحمر والمتوسط والبحيرات الشمالية أن هذه البحار الضيقة.
الحديث بغير علم فى مجتمعات نامية مضر ومهلك، وعلى الجميع عدم الحديث إلا عن مراجع ودراسات علمية موثقة ومنشورة عن جهات علمية محترمة.