*النصاب المثقف
بقلم : محمد عتابي*
*رب ضارة نافعة*
لو تأملنا واقعة الفنانة التشكيلية غادة والي واتهامها بسرقة أعمال الفنان التشكيلي الروسي *جورجي كوراسوف*
أقول إن من أروع الآثار الجانبية للحراك الشعبى والإعلامى الذى تسببت فيه واقعة سرقة أو *اقتباس أو اقتراض أو سطو أو نقل أو تقليد أو حذو أو محاكاة أو النصب والاحتيال*
وادعاء الملكية والإصرار على العجرفة والكذب رغم افتضاح الأمر
(وعلى القارئ العزيز أن يختار أيا من المسميات السابقة) هو أن الردود الشعبية كشفت عن قدر لا يستهان به من رفض ونبذ مبدأ السرقة، حتى لو كانت سرقة أنيقة ورقيقة. كشفت الواقعة عن أن قطاعا عريضا منا لم يقع (بعد) فى هوة اعتياد النصب متناهى الصغر والتعايش مع الاحتيال باعتباره أسلوب حياة.
*تحمي الملكية الفكرية الإبداع الأدبي أو الفني أو العلمي* ونسبتها لأصحابها وضمان عدم انتهاكها أو الاستفادة منها دون موافقتهم، وهذا يشمل الكتب والمقطوعات الموسيقية والأعمال الدرامية والمصنفات السمعية والبصرية والمنحوتات والنماذج والخرائط والصور الفوتوغرافية وبرامج الكمبيوتر وقواعد البيانات!
سعادة غامرة وأنا أقرأ ردود وأسمع تعليقات الأصدقاء والمعارف والناس فى الشارع عن هذه السرقة الأنيقة. كثيرون غاضبون مما جرى.
لكن الأروع أن النسبة الغالبية من الغاضبين لم تتوقف عند حدود « *سرقة» أو «اقتباس»* الخطوط والأفكار والمعانى
وبمعنى أدق *استنساخ* كل كبيرة وصغيرة من هذه اللوحة إلى تلك، بل تعدوها إلى اعتبار ما جرى والنظر إلى العجرفة والإصرار على تبرير، بل واعتبار المنتقدين جهلاء أو أغبياء آفة وعلة لحقت بفئة غير قليلة من المصريين. هذه العلة أو الآفة ليست حكرا على مجال الفنون، حيث الاقتباس والنقل شائع إلى حد ما، لكنها موجودة فى كل مناحى الحياة.
*نقل بحث أو دراسة أو فكرة أو خطة أو غيرها دون ذكر مصدرها، أو دون استئذان* صاحبها اعتمادا على قوة الناقل وضعف المنقول منه، أو ربما على الوجود الجغرافى والثقافى للناقل بعيدا عن المنقول منه.
*والحقيقة* أن هذا فى حد ذاته غباء، حيث «الحرامى» يعتقد أن كل من حوله أغبياء أو محدودو الرؤية أو منغلقو الثقافة أو فاقدو الاهتمام أو « *حرامية* » مثله.
واستمرارا للنظر إلى الجزء الممتلئ من الكوب، فإن ردود فعل كثيرة لهذه الواقعة ربطت بينها
وبين الأسباب الرئيسية التى أدت إلى ما نعانيه اليوم ونكابده من ضبابية المبادئ ومرونة الضمائر وليونة القواعد الأخلاقية
التى أصبح الكثير منها حبرا على ورق أو وعظا على منبر، مكتفيا بمظاهر دون أدنى اهتمام بالجوهر والمعاملات.
*حقوق الملكية الفكرية *
حقوق الملكية الفكرية هي حقوق قانونية تحمي الابتكارات و/أو الاختراعات الصادرة عن نشاط فكري في المجالات الصناعية والعلمية والأدبية والفنية. وتضم حقوق الملكية الفكرية الأكثر شيوعاً براءات الاختراع وحقوق التأليف والنشر والعلامات والأسرار التجارية.
وتبرز قضايا عديدة عندما تقرر لجنة دراسات ما أنه من الحصافة تقنياً إدراج ملكية فكرية لجهة ما في نص إحدى توصيات قطاع تقييس الاتصالات بالاتحاد؛ وتتنوع هذه القضايا وفقاً لطبيعة الملكية الفكرية
فمن محتوى تعليم منزوع التربية، مع العلم بأنه ثبت بالحجة والبرهان والفعل أن المدارس الدولية واللغات الأجنبية ليست مقياسا أو ضمانة لرفعة الأخلاق وجودة المعاملات، إلى هلهلة واضحة فى الخطوط الفاصلة بين الصح والخطأ وليس فقط الحلال والحرام، إلى رعونة طاغية فى تبرير الأخطاء والجرائم لدرجة مخزية مخجلة والقائمة تطول.
*وأعود وأكرر* على التفاؤل الذى تكشف عنه مثل هذه الأحداث والحوادث. وسبب التفاؤل هو هذا القطاع، ولو كان صغير العدد منخفض الصوت ملتزم الصمت، والذى يفقد صبره ويخرج من عزلته الاختيارية لينطق بالحق ويجاهر بالصواب ويطالب بالتصحيح.
النصاب الصغير له اشكال والوان ومسميات وهو النصاب المثقف