لقد نتجت عن التطورات العلمية المذهلة خلال العقود الخمسة الماضية هوة لا تزال تتسع بين المعارف العامة و تلك التي تستعملها وتحتكرها النخب الحاكمة من استراتيجيات أكثر استخداما وفعالية في إدارة الأعمال. لذا يعتبر علم الجهل فرعا من فروع العلوم السرية التي يتم تأطير دراسة مساره بتقنية عالية من أجل ضبط الأسس التطبيقية في زرع ثقافة الجهل والوهم والشك، التي تنشر من خلالها بيانات جاهزة خاطئة أو غير مكتملة، تتحكم في تنفيذها أيادي خفية لها أجندات تستهدف الشعوب. يستخدم علم الجهل من طرف المؤسسات الحكومية،الغاية منه السيطرة الكاملة على الموظف و العامل والسواد الأعظم من الشعب من خلال خمسة عشرة استراتيجية: ١- الإلهاء كخطوة أولى في تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الهامة والتغييرات التي تقررها النخب السياسية والإقتصادية وتوجيه الاهتمام صوب أكاذيب و مواضيع تافهة تفقد المصداقية و ليست لها أهمية حقيقية. ٢- خلق المشاكل والصعوبات من أجل التمويه، ثم تقديم الحلول الترقيعية. بهذه الطريقة يتم ابتكار موقفا متوقعا يثير رد فعل معين لدى الشعب لكي يطالب هذا الأخير بالإجراءات اللازمة التي يراد منه أن يقبل بمضامينها الجاهزة سلفا. ٣- التدرج: رفض بعض الإجراءات الملغومة يستدعي النظر في تطبيقها بشكل تدريجي لكي تصبح مقبولة. ٤- المؤجل: الغرض من هذه الوسيلة كسب القرارات المرفوضة وتقديمها هدية كعلاج مؤلم لكنه إجباري، الغرض منه، الحصول على موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق المستحيل في المستقبل. ٥- أثناء تأجيج الشارع للمطالبة بحقوقه يتم التواصل مع الشعب بأبشع طرق الخداع و مخاطبته كمجموعة أطفال صغار بذريعة خيانة الوطن. ٦- استشعار الأحاسيس والعاطفة بدلا من الفكر و هي تقنية كلاسيكية الغاية منها تعطيل التحليل المنطقي والحس النقدي الإدراكي لدى الناس. ٧- إرغام الشعب على الاستمرار في جهله وحماقته، فهذه الطريقة تجعل منه الغائب الحاضر غير قادر على استيعاب الآليات المستعملة في التحكم به و استعباده. ٨- استعمال مجموعة من الطرق الملتوية من أجل تشجيع الشعب على أن يكون غبيا لا يفقه شيئا وهمجيا في تصرفاته وجاهلا لأمور محيطه الإجتماعية والإقتصادية والسياسية. ٩- زرع قناعة لدى الفرد أنه المسؤول الرئيس عن تعاسته بسبب قلة ذكاءه وحنكته وكفاءته و ضعف قدراته وضآلة مجهوداته في تدبير أموره. لكي لا يكتشف سر اللعبة القذرة. ١٠- توهيم الشعوب بأن الدولة لها معرفة شاملة على الأفراد وتحركاتهم أكثر مما يعرفون أنفسهم. ١١- كلما تفاقمت الأوضاع الإجتماعية تخلق الحكومة أعذارا واهية حيث توهم الشعب بوعود مرحلية براقة من أجل تهدئة الشارع وربح الوقت. ١٢- سقوط الإعلام الرسمي والصحافة المأجورة والنقابات المرتشية وعلماء الدين في فخ التطبيع مع التضليل والفساد. ١٣- غرس مفهوم الدفاع عن الوطن في صفوف القواة القمعية من فقراء الشعب، في حين أنهم يسهرون على حراسة وتأمين منابع الفساد بقبضة من حديد. ١٤- يوهمون الرأي العام ببناء المنشآت الصحية والتعليمية والقضائية لكنهم في الأصل يخدمون أجندات خارجية تستهدف النهوض التنموي والقضاء عليه. ١٥- العمل على تهميش الكفاءات والتقليل من شأنهم بغرض إبعادهم عن مراكز القرار التي تدبر شأنها النخبة من رجال الأعمال. د.محمد جستي