شهدت السنوات الأخيرة شرق افريقيا تغيرا كبيرا في الصورة النمطية الخشنة التي كانت تربط العمل في قطاع البناء في بلدان شرق أفريقيا بالرجال فقط حيث أنشأت كوادر نسوية شركات عقارية نوعية حققت نموا سريعا في سوق الإنشاء والتطوير العقاري في المنطقة.
تهبمن شركات نسوية حاليا على حصة تزيد عن 20 في المئة من مشروعات البناء الجديدة في بلدان مثل كينيا وأوغندا. والتي تنمو بمعدل يتراوح بين 5 إلى 7 في المئة وتطغى عليه المجمعات المخصصة لفئة زوي الدخل المتوسط التي تسجل تزايدا مضطرد. توفر المشاريع العقارية الجديدة النامية، فرصا كبيرة لخريجات كليات إدارة الأعمال والاقتصاد للعمل في مجال التسويق العقاري الذي بات يجتذب إعداد متزايدة من الشباب بسبب ما يوفره من مرونة في ساعات العمل ودخل مرتفع إلى حد كبير مقارنة بمستويات دخول العمل في القطاعات الأخرى ببلدان المنطقة.على الرغم من أن الاستثمارات النسائية في قطاع البناء في المنطقة ما تزال منخفضة إلا أنها تنمو بشكل متسارع إذ تشير إحصاءات إلى أن من بين كل 5 شركات تطوير أو مكاتب عقارية جديدة هناك اثنتان مملوكات لنساء.تدير المهندسة المعمارية دورين كيوسيمير مجموعة أعمال كيوزيميري للإنشاءات في العاصمة الأوغندية كمبالا. وارتبط اسم المجنوعة بمشروعات عملاقة؛ مثل فندق ومنتجع مبالي الذي يعتبر الفندق الوحيد من فئة الخمس نجوم في المنطقة الشرقية في أوغندا إضافة إلى فندقي أفريكانا موروتو و “كاش مبارارا”.
بدأت دورين حياتها المهنية كأستاذة لهندسة العمارة في الجامعات الأوغندية ومن ثم أنشأت شركة خاصة للتطوير العمراني. تمكنت شركة دورين خلال فترة قصيرة من الحصول على عقود لتنفيذ مشروعات تعتبر حاليا من أكبر المنشآت العقارية في كمبالا. تقول دورين إن سبب تفوقها هو الاستفادة من عنصر الصبر الذي تتفوق به المرأة على الرجل؛ بحسب اعتقادها؛ مما ممكنها من ابتكار وتنفيذ مشروعات إبداعية في مجال التطوير العقاري والتصميم الداخلي شملت فنادق وشقق ووحدات سكنية.حول سبب بروز العنصر النسائي في القطاع العقاري في بلدان شرق افريقيا توضح دورين أن المرأة في البلدان الأفريقية تلعب دورا محوريا في المجتمع وتسهم بنسب كبيرة في القوى العاملة في كافة القطاعات الاقتصادية.
استفادت المرأة من سياسات التوازن النوعي في قطاع العمل؛ حيث تشترك القوانين السائدة في الكثير من بلدان المنطقة ضرورة تشغيل عدد معين من النساء في المشاريع المعمارية.بفصل السياسات التي تلزم الشركات بتشغيل النساء في المشاريع العقارية لجأت الكثير من النساء للالتحاق بدورات تدريبية في مجالات البناء المختلفة والاستفادة من المميزات التفضيلية التي تمنحها الجامعات ومراكز التدريب المهنية للنساء الراغبات في دراسة فنون البناء والعمارة.تشير تاتو غاتيري المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة (بيلدر) في العاصمة الكينية نيروبي إلى أن العوائد الضخمة التي يحققها سوق البناء الصاعد حفزت النساء على اقتحام هذا المجال المهم الذي كان حتى سنوات قريبة ينظر إليه بأنه من الأعمال الخشنة التي لا تصلح إلا للرجال.
تعمل بعض المؤسسات على زيادة تمكين المرأة في القطاع العقاري في بلدان شرق أفريقيا وتقوم مؤسسة (بيلدر) بتنفيذ برامج لتدريب الفتيات على أعمال البناء وتقدم منحا لطالبات الهندسة المدنية والمعمارية والدارسات في المجالات المرتبطة بقطاعات التطوير العقاري. ويتم دعم تلك البرامج في إطار مبادرة النمو والفرص الاقتصادية للمرأة في شرق إفريقيا بتمويل مشترك من مؤسسات دولية.بفصل السياسات التي تلزم الشركات بتشغيل النساء في المشاريع العقارية؛ لجأت الكثير من النساء للالتحاق بدورات تدريبية في مجالات البناء المختلفة والاستفادة من المميزات التفضيلية التي تمنحها الجامعات ومراكز التدريب المهنية للنساء الراغبات في دراسة فنون البناء والعمارة
وفي هذا السياق تقول غاتيري إن المؤسسات التي تعمل على تشجيع النساء على ولوج سوق البناء النامي لا تنطلق فقط من فلسفة المساواة بين الجنسين في مجال العمل بل أيضا من الحاجة لتكوين عناصر نسائية قادرة على المنافسة في الوظائف والمهن ذات الدخل العالي والتي يتركز جزء كبير منها في القطاع العقاري.
تنخرط الكثير من القيادات النسوية في البرامج التي تهدف إلى تشجيع دخول المرأة في القطاع العقاري؛ من خلال التدريب والتوعية والدعم المادي واللوجستى.وفقا لسجلات مجلس المهندسين الكيني فإن نسبة المهندسات العاملات في البناء ارتفعت خلال الأعوام الخمس الماضية من أقل من 2 في المئة إلى نحو 8 في المئة من مجمل المهندسين العاملين في القطاع؛ وتتولى حاليا 38 امرأة إدارة مشروعات عقارية يشكلن قرابة 14 في المئة من مجمل مديري المشاريع العقارية في البلاد. وتعمل نحو 2650 امرأة كمقاولات أعمال بناء يشكلن قرابة 16 في المئة من المقاولين المسجلين