ولا تلقوا بأيديكم للتهلكة.. بقلم المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادى
الزكاة حق معلوم في ثروات الأغنياء، ليس مرتبطا استحقاقها بمدة معينة، وليس عطاؤها للفقراء والمساكين في شهر معين، وكلما تحقق مكسب للأغنياء عليهم حق الله الذي سخره للمحتاجين من أفراد المجتمع، بغض النظر عن أديانهم ومللهم ومذاهبهم، وأن يخصص الأغنياء كلما كسبوا في أي وقت عشرين في المائة من أرباحهم، كما شرع الله سبحانه في القرآن الكريم في قوله سبحانه : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الأنفال-٤١).
وأن تخصص تلك النسبة من المكاسب تأكيداً لقوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ) (البقرة -٢٦٧) .
ذلك هو التشريع الإلهي الذي أقرته الآيات البينات، فإن كان الإنسان المسلم مؤمنا بالله ومصدقاً بكتابه، سيطبق تشريعاته وسيتبع طاعته ويطبق أوامره، وإن كان ضعيف الإيمان وخائفا على ماله أن ينفد، ومتبعاً النفس الأمارة بالسوء فسيبخل على الله، ويخالف ربه بعدم طاعته في ماله الذي وهبه الله له، ليتحقق التكافل الاجتماعي بين الناس، ويختفي الفقراء والمساكين والسائلين، ويعيش الناس جميعاً حياة كريمة، ويتحقق للمجتمع الأمن والسلام فقد حذر الله سبحانه الممتنعين عن الزكاة بقوله (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة -١٩٥).
فإذا امتنع الأغنياء عن أداء الزكاة، ولم يتحقق التكافل الاجتماعي فسيسبب الجوع والفقر ما قد ينتج عنه من ثورات الجياع، تلقف ما اكتنزه الأغنياء، وتشتعل النيران وتسقط قصور الملاك للعقارات، ويتهاوى الأمن والاستقرار، ولذلك فرض الله الزكاة في تشريعه في الذكر الحكيم كما سبق، لتضييق الهوة بين الأغنياء حفاظاً على أموالهم وأملاكهم وأرواحهم، لأن الفقر يسبب الكفر ويجعل الإنسان يفقد اتزانه، حينما يرى أهله يموتون من الجوع، ويرى في المقابل القصور الفخمة والسيارات الفارهة والغنى الفاحش، والناس الذين ينفقون في الحفلات عشرات الملايين، وهو يحتاج إلى عدة لقيمات تنجي أهله من الموت جوعاً.
فاتقوا الله أيها الأغنياء في أموالكم ولا تلقوا بأيديكم للتهلكة بامتناعكم عن تأدية الزكاة المقررة في التشريع القرآني، ولا تتبعوا تشريعات الفقهاء المفتراة على الرسول عليه السلام وهم يسعون خلف الهوى وطمع الدنيا والخوف على نقص أموالهم، الذين يضلونكم عن طريق الحق المستقيم، وحكمة الله سبحانه من أهداف فريضة الزكاة لتحقيق الأمن والسلام والتعايش بين الناس جميعا في المجتمعات الانسانية وهم لا يعلمون أنهم إذا بخلوا وترددوا عن إعطاء حق الله للفقراء والمساكين والمحتاجين، سيؤدي بهم إلى الهلاك، علماً بأن الله سبحانه في تشريعه في آيات الذكر الحكيم جعل الفقراء والمساكين والمحتاجين وأبناء السبيل شركاء في أرباح الأغنياء، بنسبة عشرين في المائة كلما تحققت المكاسب، وإعطاء الزكاة في أي وقت دون تحديد شهر معين، ليتفادى الناس غضب الله عليهم، الذي حين يغضب على خلقه يحرق الأخضر واليابس اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.