لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
كنت قد قضيت في العاصمة التركية، أنقرة، ثلاث سنوات، كملحق عسكري لمصر فيها، تمكنت خلالهم من التعرف على البلد وأحوالها، ولمست عشق الشعب التركي لمصر وأبنائها. ثم عدت إلى مصر، لتولي منصب مدير إدارة الشؤون المعنوية، وبعدها، وفي عام 1999، ضرب تركيا زلزالاً كبيراً، كان مركزه مدينة إزميت، بالقرب من إسطنبول، على طول الفيلق الجيولوجي شمال تركيا، ويومها اتصل الرئيس التركي سليمان ديميريل، بثلاث رؤساء، طالباً منهم العون والمدد؛ الرئيس الفرنسي، والمستشارة الألمانية، والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
كانت مصر قد بدأت تحركاتها بالفعل، وعلى الفور، أرسلت طائراتها الحاملة لمستشفى ميداني بطاقة 250 سرير، ومخبز ميداني لإنتاج 250,000 رغيف يومياً، بالإضافة إلى مجموعات من المتخصصين في البحث وإنقاذ المفقودين، المدعومين بالأدوات اللازمة لتنفيذ مهمتهم، سواء كلاب الحرب المدربة، أو المناشير والقلابات. ووصلت المجموعات، والمعونات إلى مدينة إزميت، التي لحقها الدمار الشامل. وبعدها بيومين استأذنت المشير طنطاوي، أن أسافر إلى تركيا، بصحبة مجموعة من الصحفيين، لتغطية جهود القوات المصرية في نجدة تركيا.
وعند وصولنا إلى مدينة أزميت، علمت أن مجموعتي الإنقاذ الألمانية والفرنسية قد أثارا مشكلة مع المجموعة المصرية، التي نجحت خلال يومين في تطهير خمسين متر من الطريق المخصص لها، بينما لم تطهر المجموعتين الأخريين سوى ثلاثين متر فقط. وكانت شكواهم بدعوى أن المصريون يستخدمون كلاب الحرب، في عمليات التفتيش، لمدة ثمان ساعات متواصلة، بينما نظمت القوانين الدولية نظام عملهم بواقع 4 ساعات، فقط، يعقبهم 4 ساعات للراحة.
تم حل المشكلة، وبعدها تحركنا للمستشفى المصري، وكانت الوحيدة التي تقدم الخدمات الطبية هناك، بعدما تدمرت مستشفى البلدة، فوجدت الجميع يتدافع للعلاج في المستشفى المصري، بدءاً من الإسعافات الأولية، وعلاج الأطفال، والكسور، وحتى عمليات الولادة للسيدات، وهو ما دفعني لطلب معونة إضافية، فورية، من مصر لتلبيه باقي الاحتياجات الطبية، خاصة وأن كافة المساعدات الدوائية التي وصلت لتركيا، تم تحويلها للمستشفى المصري، فكنا في حاجة لأطقم من الصيادلة، لفرز وتصنيف الأدوية الواردة من مختلف الدول.
وبالمثل، تحولت جميع المعونات الغذائية، التي وصلت من الدول الأخرى، إلى المخبز الميداني المصري، وصار المسئول عن توزيع الغذاء على أهالي المدينة. كذلك قام الطاقم المصري بإنشاء معسكراً للإيواء، باستخدام الخيام التي وصلت من الخارج لمساعدة لتركيا، وتحول الاستاد الرياضي لملاذ لسكان المدينة المنكوبة، بإدارة مصرية. تذكرت كل تلك التفاصيل، وأنا أتابع وصول المساعدات المصرية لسوريا وتركيا، داعياً المولى أن يخفف عنهما آثار تلك المحنة الكبيرة.