لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى عندما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، يوم 24 فبراير 2022 كانت كل التقديرات، تدل على إن هذه الحرب لن تدوم أكثر من ثلاث إلى أربع شهور، حيث أن الجيش الروسي هو ثاني قوى عسكرية في العالم، وكان الجيش الأوكراني هو الرابع والعشرين عالميا. هذه الحرب والتي صنفها العالم انها حرب محدودة بين دولتين هي روسيا وأكرانيا، وإنها ليست حرب عالمية، ولكن بمرور الوقت، اكتشف الجميع رغم انها حرب محدودة، الا انها اصبحت حرب عالمية التأثير. وخصوصا، في المجال الاقتصادي، حيث لم تخلو دولة في العالم الا وتأثرت اقتصاديا في كافة المجالات، من حيث ارتفاع الأسعار، البطالة، وافلاس العديد من الشركات، وتوقف عدد كبير من المصانع، ونال هذا التأثير من الدول الغنية والفقيرة التي تأثرت اكتر من حيث نقص الحبوب والمواد الغذائية. وأصبح الجميع يأمل بعام جديد يتوقف فيه القتال بين روسيا وأوكرانيا، ويبدأ العالم في استعادة السلام، وتعود الاحوال الاقتصادية الى ما كانت عليه قبل 24 فبراير 2022. وبدأت روسيا القتال بتدمير البنية العسكرية الأوكرانية، بمهاجمة القوات الجوية، والطائرات، والمحطات، والرادارات، ومراكز القيادة للجيش الأوكراني، وأماكن تمركز الاحتياطيات. وبعدها بدأت في مهاجمة كييف العاصمة الأوكرانية، لإسقاط الدولة، ولكن الجيش الأوكراني، لجأ لخطة الدفاع عن المدن، فاضطرت القوات الروسية للاتجاه شرقا، حيث نجحت في الاستيلاء خلال سبع شهور من الحرب على 20% من الأراضي الأوكرانية، حيث استولت على مقاطعات لوهانسك ودونتسك وذابورجيا وخيرسون. وكانت الاستراتيجية الأمريكية، منذ بداية الحرب هي ودول حلف الناتو، تعتمد على إمداد أوكرانيا بأسلحة دفاعية، بهدف اطالة مدة القتال، وبالتالي يتم استنزاف روسيا اقتصاديا. ومع دخول فصل الشتاء، بدأت روسيا في تغيير استراتيجيتها في القتال، بعدم القيام بأي عمليات قتالية رئيسية، والاكتفاء بتعديل أوضاعها الدفاعية، وتحسين مواقعها، في الخطة الدفاعية الجديدة، ومحاولة الاستيلاء على باخموت عقدة المواصلات الرئيسية في شرق أوكرانيا. وكان هناك بصيص من الأمل، بأن يتم إجراء محادثات سلام، مع نهاية فصل الشتاء قبل أن يبدأ الربيع، حيث خططت القوات الروسية. البدء بهجوم شامل، على الجبهة الأوكرانية، بغرض استكمال استيلاء على أراضي داخل أوكرانيا تجبرها على الدخول في مفاوضات سلام. وبعد زيارة الرئيس زليسنكي إلى الولايات المتحدة، عاد ومعه موافقة أمريكا على إمداد أوكرانيا ببطاريات باتريوت المضادة للطائرات والصواريخ. والتي أعتقد أنها لن تزيد من القدرة القتالية الهجومية للقوات الأوكرانية، حيث أن هذه البطاريات بالكاد سوف تحقق الدفاع عن العاصمة الأوكرانية، ومدينة أخرى، ولكن جاءت المفاجأة الأخرى بأن أعلنت ألمانيا إرسال دبابات ليوبارد. وهي من النوع الهجومي إلى أوكرانيا، ثم إعلان أمريكا إرسال الدبابات الأمريكية الرئيسية للقتال إبرامزM1A1، ثم جاءت بريطانيا بقرار لدعم أوكرانيا بدبابات تشالنجر، وهي أيضا دبابات قتال هجومية رئيسية. وهنا ظهر تساؤل هل هذا التحول الجديد في الفكر الأمريكي، وحلف الناتو، بتقديم دعم هجومي من الدبابات إلى أوكرانيا، سيغير مفاهيم واساليب القتال في الفترة القادمة؟ ولكني أعتقد أن ذلك التغيير، هو فكر جديد بدفع دبابات هجومية وبأنواع متطورة، لكن المشكلة في الأعداد، حيث أن أمريكا ستدعم بعدد 31 دبابة إبرامز أي كتيبة، وألمانيا ب14 دبابة، ومثلها إنجلترا، ثم بولندا. المهم إن العدد في الآخر سيصل إلى 110 دبابة، قتال هجومية، وهنا يظهر السؤال، هل هذا العدد يحقق لأوكرانيا القيام بعمليات هجومية لاستعادة الأراضي التي احتلتها روسيا خلال العام الماضي؟ والإجابة ببساطة أنه رغم نوعية هذه الدبابات المتطورة من ترسانات أمريكا وإنجلترا والمانيا. إلا أن هذا العدد أمام حجم الدبابات الروسية، لن يحقق لأوكرانيا التفوق وتنفيذ عمليات هجومية، حيث إن المهاجم طبقا لقوانين القتال العالمية، يجب أن يكون متفوقا على المدافع بنسبة ثلاثة إلى واحد، علاوة على أن هذه الدبابات لن تنضم إلى منطقة العمليات في أوكرانيا قبل ثلاث إلى أربع شهور، وهي مدة تدريب الأطقم الأوكرانية على هذه الدبابات الغربية، وخصوصا أن الجنود الأوكرانيين كانت تسليحهم في الماضي هي الدبابة الروسية 62، وبالطبع هي مختلفة تماما عن هذا النوع من الدبابات الغربية. كذلك فإن عمليات نقل هذه الدبابات إلى أوكرانيا سيتم من خلال بولندا، وهذه الطرق حاليا تحت سيطرة الطيران والصواريخ الروسية، حيث أعلنت روسيا أنها لن تسمح بوصول هذه الدبابات الجديدة إلى أوكرانيا، كذلك هناك مشكلة الدعم الفني، والصيانة، وهي أحد المشاكل الرئيسية. لانضمام أي سلاح جديد لقوات في ميدان قتال من حيث توفير الذخيرة، والإصلاح، والصيانة، وهي أمور ستكون صعبة على القوات الأوكرانية. وأعتقد أن فكرة الدخول في مفاوضات سلام، أصبحت من الصعب تحقيقها، حاليا إلا إذا ظهر من يقدم هذه الفكرة أو من جهة محايدة، ولذلك أعتقد أن روسيا الآن بدأت في التخطيط لتنفيذ هجوم رئيسي قادم مع أوائل الربيع عندما يذوب الجليد من الطرق وتصبح معدلات التقدم أسرع، وأعتقد أن روسيا في الفترة القادمة سيكون لها اتجاهات الهجوم رئيسية نحو الاستيلاء على أوديسا. وهذا يتيح لها الاستيلاء على شرق أوكرانيا بالكامل، وحيث يسهل ضمها هي الاخرى إلى روسيا مثل الأربع مقاطعات الاخرى. وبهذا تستكمل السيطرة على البحر الأسود، وتصبح أوكرانيا دولة لا شاطئية وتحرمها من التصدير والاستيراد إلا عبر بولندا. كذلك من المتنظر أن يكون اتجاه الهجوم الاخر، هو الاستيلاء على كييف العاصمة، بأسلوب الأرض المحروقة. حيث تستخدم كافة أنواع الصواريخ الجديدة، لاستكمال تدمير المدينة، وبذلك يسقط النظام الأوكراني، وأعتقد أنه في هذه لن يسمح الحالة الغرب وأمريكا بأن تقوم روسيا بالوصول إلى هذه المرحلة، حيث يبدأ الجميع في الدخول في مفاوضات سلام. لتحقيق الاستقرار في العالم، وهذا ما يرجوه الجميع في الفترة القادمة. وعموما، فإن الفترة القادمة، وقبل أن ينتهي الشتاء، ستظهر تحركات دولية من أطراف عديدة، وأعتقد ان على رأسها الأمم المتحدة، بهدف دفع الأطراف كلها للجلوس على مائدة المفاوضات، الوصول لحل سلمي، لأن الجميع يعلم أن روسيا لن تخرج مهزومة، من هذه الحرب، ولا أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، لذلك فإن الجميع يأمل، أن تكون برودة الشتاء في أوروبا، دافعا لخلق علاقات دافئة، لتحقيق السلام.