راهنت أوكرانيا بشدة مؤخرا على نيل الدبابات حتى تمضي قدما في مواجهة العمليات العسكرية التي أطلقتها روسيا قبل نحو عام فيما يقول خبراء عسكريون إن هذه الخطوة الداعمة من واشنطن وحلفائها ستعزز قدرات كييف بالفعل لكنها لن تكون بمثابة عصا سحرية تقلب الموازين بشكل سريع وحاسم.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخرا عزم بلاده إرسال دبابات من طراز أبرامز إم وان إلى أوكرانيا فيما وافقت ألمانيا بدورها على إرسال دبابتها ليوبارد 2 إلى أوكرانيا بعد فترة من التردد وسط تحذيرات من موسكو.
وبحسب تحليل في نيويورك تايمز فإن الدبابات لن تكون بمثابة عصا سحرية تتيح لأوكرانيا أن تنتصر في الحرب التي أحدثت تحولات عميقة في المشهد الجيوستراتيجي بالعالم.ولن تكون الدبابات عنصر حسم كبيرا خلال العام الجديد لأن طبيعة المعركة التي ستخاض في الفترة المقبلة، تختلف عن المواجهات التي دخلها الطرفان الروسي والأوكراني في سنة 2022.
وشرح الكاتبان جوليان بيرنز وإيريك شميث، أن الولايات المتحدة ستسعى مرة أخرى لأن تجعل الجيش الأوكراني في الوضع الذي تريده حتى يصبح قادرا على اختراق الدفاعات الروسية.
ولإنجاز هذه المهمة العسكرية فإن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يحتاجون فقط إلى تقديم الدبابات والعربات العسكرية المصفحة والذخيرة المتقدمة بل يتعين عليهم أن يضمنوا التدريبات المطلوبة حتى يصبح أفراد الجيش الأوكراني قادرين على استخدام ما حصلوا عليه بعد إلحاح كبير.
لكن هذه المهمة ليست بالسهلة، لأن تعلم استخدام هذه العربات والأسلحة مجتمعة والمزج بينها يتطلب شهورا وربما سنوات حتى وسط الوحدات العسكرية الأميركية نفسها، بينما قد تسير الحرب في أوكرانيا بوتيرة أسرع.ويأتي تقديم هذه المعونات العسكرية لأوكرانيا، وسط حذر شديد للغاية لأن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة يريد إمداد الجيش الأوكراني بما يتيح له تحريك المياه الراكدة وإحراز تقدم، لكن دون الوقوع في استفزاز روسيا ودفعها إلى توسيع نطاق النزاع وربما الانزلاق إلى حرب نووية.أظهرت صور جرى التقاطها عبر الأقمار الاصطناعية أن الجيش الروسي يقيم خطوطا أولية وثانوية من الدفاع على امتداد الجبهات بينما يخشى الأميركيون أن يحدث نوع من الجمود الذي تستفيد منه موسكو.
وبدأت واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة تحركات من أجل إحداث دينامية في الوضع على الجبهات تفاديا لأن تجد روسيا ما يكفي من الوقت حتى تلتقط الأنفاس أو تكرس مكاسبها على الأرض رغم التراجع الذي منيت به على نطاق واسع خلال السنة الماضية فخسرت آلاف الكيلومترات.في هذا الصدد قالت المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند في حديث لمجلس الشيوخ يوم الخميس الماضي إن ما تريده واشنطن هو جعل القوات الأوكرانية في أفضل تموضع لها حتى تنتهي الحرب الحالية على أرض المعركة سواء جرى ذلك في إطار الديبلوماسية أو في ضوء مسارات أخرى مجتمعة حيث يكون الأوكرانيون في وضع ميداني يرجح كفتهم على المدى البعيد وبينما يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام فشل استراتيجي تركز العام الأول من النزاع على استهداف متبادل للمواقع عن طريق المدفعية بين جيشي أوكرانيا وروسيا في حين اعتمدت بعض العمليات على عنصر الدبابات.
واعتمد نجاح الأوكرانيين خلال 2022 بشكل كبير، على الهجوم المضاد الذي جرى خارج خاركيف من خلال الاستعانة بدبابات.
لكن أسلحة ومعدات أخرى مهمة تم استخدامها مثل العربات المصفحة ذات السرعة الكبيرة فيما يقول خبراء غربيون إن القوات الروسية لم تكن منظمة جيدا في ذلك الوقت.
وبينما تلوح مرحلة جديدة من الحرب في الأفق يحتاج الأوكرانيون إلى استهداف الخطوط الروسية المرابطة في خنادق وهذا الأمر لن يكون سهلا لأن اقتحام تلك الخطوط لا يحتاج إلى مجرد التقدم عبر قوافل وفيالق من الدبابات والمضي إلى الأمام.وعوضا عن ذلك تقتضي المرحلة الجديدة دخول الجيش الأوكراني في معارك عن قرب مع الروس وسط حاجة إلى تحديد الأهداف بعناية بينما يكون على الدبابات أن تطلق النيران على مواقع الجيش الروسي في حين تتولى أسلحة المدفعية توفير تغطية ودعم ضروريين.
يمثل القتال بهذه الطريقة ما يعادل العمود الفقري لعمليات الجيش الأميركي القتالية وتركز الولايات المتحدة في الوقت الحالي على نقل هذه المهارات من خلال التدريب، في مسعى إلى إلحاق الهزيمة بالجيش الروسي.
وبما أن بعض التدريبات تحتاج إلى سفر الجنود الأوكرانيين نحو الخارج فقد كان هناك تخوفان بارزان أخرا العملية أولهما أن خروج العسكريين من ذوي الخبرة يحدث فراغا في أرض المعركة.أما التخوف الثاني الذي كان قائما لدى الولايات المتحدة لكن جرى تبديده فهو إثارة حفيظة روسيا التي قد تنظر إلى تدريب جنود أوكرانيين في دولة ما بمثابة عملية استهداف مباشرة لها لكن واشنطن مضت قدما ورتبت تدريبا لنحو مئة جندي أوكراني حتى يتمرنوا على النظام الصاروخي باتريوت في أوكلاهوما.