هذه الظاهرة هي «تأجيل المسؤول الحكومى الكثير من القرارات المهمة وعدم البت فيها بسبب اعتبارات المساءلة القانونية والخوف من اتهامات الأجهزة الرقابية أكثر من مراعاته حسابات المصالح الحقيقية».
وبالتالى ينتج عن ذلك تأجيل القرارات وترحيلها وعدم البت فيها، مما يؤدى إلى تفشى الروتين وكثرة الإجراءات والتصاريح، وهو ما يفتح الباب أمام ممارسات الفساد.
أبرز أسباب تفاقم ظاهرة الأيدى المرتعشة
أن بعض مواد قانون العقوبات بشأن جرائم التربح والإضرار العمدى وغير العمدى بالمال العام تنطوى على امتداد العقاب للموظف العام حتى ولو لم يحصل على منفعة لنفسه.
أيضًا تقف البلاغات الكاذبة وبسوء القصد كأحد أسباب ارتعاش الأيدى، ذلك أن جهات متعددة تتعامل مع هذه البلاغات بشكل يُرهب المسؤولين أو بعضهم. الاعتداد بمثل هذه البلاغات وعدم وجود ضوابط فى التعامل معها يؤدى إلى إعاقة مسيرة العمل، وإضعاف الموظف العام والمسؤول الإدارى. من بين الضوابط المهمة ضرورة تشديد العقوبة الخاصة بجريمة البلاغ الكاذب حال ارتكابها بهدف هزَّ الثقة فى الوظيفة العامة وإرهاب المسؤولين.
الهدف الأساسى يجب أن يكون تقوية موقف الموظف العام، خاصة فى المناصب العليا، وإفساح المجال له فى الإدارة، وإطلاق روح المبادرة لديهم.
يجب أن يختفى مشهد المستشار أو الموظف الكبير أو الصغير الذى يضع كل العقد القانونية واللائحية أمام المسؤول ليرهبه من اتخاذ قرار يراه مخالفًا حتى لو كان فيه مصلحة عامة، ثم يُنهى كلامه بعد وصلة «الترويع» مع ابتسامة صفراء قائلًا: «لكن الرأى والقرار الأخير لمعاليك».
المرتعش هو الإنسان المنبطح.. الفاشل هو الذى يصنع المشكلة ويعجز عن حلها.. الفاشل هو الشخص الفاقد للنشاط والهمة.. هو الكسول الرخو بليد الحس.. هو الذى لا يعرف ويدعى المعرفة..
هو الذى يغطى جهله بالأكاذيب والمظهر البراق.. والذى لا يعرف كيف يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.. شعاره بقاء الحال على ما هو عليه.. وهو دائما خائف ومرتعش،
وإذا وجد نفسه متورطا فى إصدار قرار، فإنه يستشير الشيخ الذى يصلى خلفه والدجال الذى يحرق له البخور فهما عنده سواء.. ويسمع كلام السيدة حرمه أخذا بمبدأ الشورى وعملا بمنهج الطاعة..
المرتعش هو الذى يعشق الخصم ويكره الإضافة.. يؤمن بالنظرية المختلفة التى تقول.. «لا تعمل حتى لا تخطئ».. يجب أن تكون أوراقه بلا أخطاء ولا يعنيه أبدا أن يدون فيها نجاحات.. الفاشل بليد سميك العقل والجلد لا يؤثر فيه غليظ القول ولا حتى وخز الإبر..
والكارثة أن المرتعش يرى فى نفسه أنه أنجح الناس.. وله كل الحق فى ذلك الإحساس، وعليه أن يتباهى ويزهو بنفسه.. فهو فى مكانه سواء كان «كناسا» فى شارع أو وزيرا فى وزارة.. نقول لعامل النظافة: «الشارع عبارة عن مخزن قازورات»..
فيرد عليك بكل هدوء وثبات «مش بإيدى يا بيه» الناس بتوسخ أكتر ما أنا بنضّف!!.. وتسأل الوزير «الحال مايل عندك ليه» فيكون رده مثل صفعة مخبر متمرس على الضرب على القفا.. مين غبى قال لك إن الحال مايل.. يشوف الأرقام وبعدين يتكلم!!.. ولا يكتفى بهذا.. وإنما يضيف.. والله الواحد زهق..
من هنا اتضح لنا أن الأرقام هى أقوى الأسلحة التى يحصل بها المرتعشون على انتصارات وهمية وكاذبة.. ورغم حالة الزهق.. فإنهم لا يرحلون أبدا.. فهم لم يزهقوا من المنصب ولكن زهقوا من هذا الشعب!!..