«هدي القرآن الكريم » بقلم المفكر العربى علي محمد الشرفاء الحمادى
–الأمر الإلهي بالتمسك بالقرآن، قال سبحانه وتعالى يخاطب رسوله عليه السلام بقوله (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )(44: الزخرف) تعني هذه الآية أن الله يأمر رسوله بالتمسك بالقرآن الكريم وهو الوحي الذى أنزل عليه ليبلغ الناس بآياته البينات، ويهديهم إلى الصراط المستقيم، والقرآن هو الذى يحمل الخطاب الإلهي للناس، ومن رحمته بهم ورعايته بعباده، يرسل لهم الأنبياء، ليرسم لهم خارطة الطريق لحياة آمنة، يتحقق فيها السلامة للإنسان والتمتع فى الحياة، ليحيا حياة سعيدة وعيشًا كريمًا، فى ظل التشريعات والعظات وأخلاقيات المعاملات بين الناس جميعًا، التى وضع الله فيها ضوابط تنظم حياة المجتمعات، على أساس الرحمة والعدل والحريّة والسلام، والتعامل بالحسنى، وتحريم الظلم بين الناس، وتحريم العدوان بينهم، ليعيشوا فى أمن وسلام، والله سبحانه يصف كتابه المبين بقوله (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (الإسراء:٩).
إن دعوة الله للناس باتباع القرآن والثناء على مَن يتدبر آياته ويتعرف على مقاصد الخير فيها للإنسان ترغيبًا ليجعل المتمسك بالقرآن يتبع خارطة الطريق الإلهية التى رسمها الله لعباده يعلمهم فيها كيف تتحقق لهم السعادة فى الدنيا، ويعيشون آمنين مطمئنين فى يومهم وغدهم، لا ظلم فيه ولا طغيان، بل تكافل وإحسان وتعاون بين الناس لتعمير الأرض، وإقامة البنيان على أسس من الرحمة والعدل والحريّة والسلام، وتحريم قتل الإنسان والتسابق بين الناس لعمل الخيرات والتكافل الاجتماعي، الذي يحول المجتمعات الإنسانية لتعيش فى أمن وسلام، فمَنِ اتبع خارطة الطريق الإلهية التى رسمها الله للإنسان فى القرآن، كما أمره الله سبحانه بقوله (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) (الأعراف:٣)، فقد وعد الله الناس الذين يتبعون هدي القرآن ويطبِّقون مناهجه فى حياتهم بقوله سبحانه (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ)(126:طه ).
إن من رحمة الله على عباده يريد أن يجنبهم حياة الضنك والقسوة والبؤس واليأس، ويوصيهم باتباع المنهج الإلهي الذي يضيء لهم طريق الحياة، ليعيشوا سعداء ينتشر بينهم التعاون والمحبة والسلام، يعينون بعضهم بعضًا، ويقفون معًا ضد كل أنواع الشر، ويدافعون عن أنفسهم ضد كل عدوان، لتحظى المجتمعات الإنسانية بالرحمة والعدل والحريّة والسلام، ويعيش الناس جميعًا فى سعادة واطمئنان، لتظل عين الله ترعاهم وتتنزل عليهم بركاته كما قال سبحانه (وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا)(16:الجن) تعنى هذه الآية لو اتبعوا القرآن لهداهم إلى طريق الخير، ولأنزل الله على الناس الرزق الوفير وأصلح حالهم، ولذلك فالله سبحانه يبين للناس طريق الخير والنور وطريق الشر والظلام، وعلى الإنسان أن يختار بينهما، وعليه أن يتحمل نتيجة قراره فالذين اتبعوا كتاب الله الكريم يقول فيهم سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)(30:فصلت) هذا وعد من الله للذين يتبعون القرآن ويطبقون تشريعاته ويبتعدون عن محرماته ويلتزمون بأخلاقياته وقيمه النبيلة، ويتعاملون مع الناس بالحسنى وسيكون جزاؤهم سعادة فى الدنيا دون خوف أو فزع فى الحياة الدنيا، ويبشرهم بجنات النعيم فى الحياة الآخرة.
ذلك فضل الله لمن يتبع آياته ويؤدي عباداته قولًا وعملًا، ويعمل الصالحات وينهى عن الفحشاء والمنكر ويأمر بالمعروف والله أكبر.