لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى عندما بدأت الحرب الروسية الاوكرانية يوم 24 فبراير 2022. والتي صنفها العالم انها حرب محدودة بين دولتين هي روسيا وأكرانيا، وانها ليست حرب عالمية، ولكن بمرور الوقت، اكتشف الجميع رغم انها حرب محدودة، الا انها اصبحت حرب عالمية التأثير. وخصوصا، في المجال الاقتصادي، حيث لم تخلو دولة في العالم الا وتأثرت اقتصاديا في كافة المجالات، من حيث ارتفاع الأسعار، البطالة، وافلاس العديد من الشركات، وتوقف عدد كبير من المصانع، ونال هذا التأثير من الدول الغنية والفقيرة التي تأثرت اكتر من حيث نقص الحبوب والمواد الغذائية. وأصبح الجميع يأمل بعام جديد يتوقف فيه القتال بين روسيا وأوكرانيا، ويبدأ العالم في استعادة السلام، وتعود الاحوال الاقتصادية الى ما كانت عليه قبل 24 فبراير 2022. وبعيدا عن المشاكل والاثار الاقتصادية. التي خلفتها هذه الحرب، كانت هناك اثار سياسية جديدة خلفتها أيضا، هذه الحرب وكانت اولى هذه الاثار هو بدء التحالفات الجديدة في العالم، اولها التحالف بين روسيا والصين، ورغم ان مظهر الصين في بداية النزاع، قد يبدو للجميع ان لها موقف محايد الى حد ما، ولكن مع مرور الأيام، وبدء تطبيق العقوبات من دول الاتحاد الاوروبي ضد روسيا، بسبب هذه الحرب، ووضع سقف لسعر برميل النقط الروسي، بدأ هذا التقارب الصيني الى روسيا يظهر الى الوجود حيث رفضت الصين الالتزام بسعر تحديد سقف الغاز الروسي، وأعلنت، بكل صراحة عدم التزامها بذلك، وكانت تلك البداية خاصة ان الصين من اكثر الدول المستوردة للنفط في العالم وانها في احتياج شديد للنفط الروسي، خاصة ان ذلك جاء مع تخفيض دول الأوبك لإنتاج النفط. الامر الذي كان ضد رغبة الولايات المتحدة ودول حلف الناتو، كذلك جاءت مبادرة الصين للحزام والطريق، التي تقوم على مرور هذا الخط في معظم الاراضي الروسية، ومن هنا جاء احتياج الصين، الى ان يكون هناك تقارب مع روسيا، حتى لا تفقد الصين هذه المبادرة والتي سكون لها دور كبير في استمرار الانتعاش الاقتصادي الصيني، خلال الاعوام القادمة، والذي تعمل امريكا الان على ايقاف هذا الانتعاش الاقتصادي للصين بكل الطرق. وبنظرة بعد ذلك للأوضاع في منطقة بحر الصين ودعم الولايات المتحدة لدولة تايوان عسكريا. وخصوصا بعد زيارة بيلوسي رئيسة الكونجرس الامريكي الى تايوان. الامر الذي اثار الصين كذلك جاء قرار مجلس النواب الأمريكي بإقرار 10مليارات دولارات كمساعدة عسكرية لدعم تايوان، حيث يندرج المبلغ ضمن وزارة الدفاع الامريكية. لكي يثير غضب الصين ويزيد التنافس العسكري في المنطقة. خاصة ان اليابان اعلنت زيادة 74 مليار دولار في ميزانية الدفاع لها هذا العام، وهذا يعني زيادة اليابان انفاقها العسكري بنسبة 26%، وهي اعلى نسبة في تاريخ اليابان، في إطار خطة وبرنامج مدته 5 سنوات لزيادة قدرتها الدفاعية ضد التهديدات من الصين وكوريا الشمالية و روسيا العسكري. وبالنظر لذلك نجد ان ميزانية الدفاع اليابانية تضاهي إنفاق روسيا العسكري، وجاء ذلك القرار اليابان بعد المخاوف من غزو روسيا لأوكرانيا، وهكذا تصاعد الموقف في خليج تايوان وبحر الصين. لذلك بدأت الصين تلجأ الى حليف لها في المنطقة للوقوف ضد المناورات العسكرية الامريكية، مع دول المنطقة، وهنا يبرز التعاون الصيني الروسي في تنفيز مناورات مشتركة في بحر الصين ومضيق تايوان. وبالتالي ظهرت اهمية التعاون والتقارب بين الدولتين الصيني والروسي، ومع ازدياد التوتر في هذه المنطقة من العالم بدأ يظهر دور كوريا شمالية التي تسعى الي تطوير الصواريخ العابرة للقارات، والنشاط النووي لها، ثم تجارب اطلاق هذه الصواريخ، والتي بدأت تشبه التحرش الامني لدول هذه المنطقة من العالم، وخصوصا الولايات المتحدة، واليابان، ومن هنا ظهرت قوة هذا التحالف الجديد. روسيا والصين وكوريا الشمالية من اجل تحقيق مصالح الامن القومي لهم في منطقة جنوب شرق اسيا، ضد التواجد الأمريكي التي تدعم تايوان و القوة العسكرية اليابانية الجديدة. وعلى الطرف الاخر من العالم جاءت منطقة الشرق الأوسط، ورغم زيارة جو بايدن الى السعودية، ولقائه مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وبعض القادة العرب، بهدف استمالة هذا الجزء من العالم، الى أمريكا، ودول الاتحاد الأوروبي، الا ان الصين سارعت بعدها بزيارة المملكة السعودية، ولقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والقادة العرب، لتنشئ علاقات اقتصادية جديدة بينها والصين، وهذه الدول العربية في منطقة الشرق الاوسط. وخاصة الدول النفطية. وكانت المفاجأة برفض دول الاوبك بلس عدم زيادة انتاج النفط. تلبية من طلب الولايات المتحدة، وذلك لتعويض نقص الغاز، والنفط الروسي، الى دول اوروبا. لذلك ظهر هنا ان تكتل دول الخليج، لم يعد منحازا الى الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، كما كان من قبل وهذا بالطبع تغيير هام في التكتلات السياسية في العالم نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية. ثم جاءت دعوة الرئيس الامريكي جو بايدن، الى 49 من قادة الدول الافريقية. الى واشنطن في محاولة لاستعادة امريكا دورها في افريقيا. حيث ظهر واضحا خلال مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال ازمة الأوكرانية، ان تصويت معظم الدول الافريقية، يكون لصالح روسيا، من هنا بدأ التقارب الامريكي الجديد تجاه افريقيا، بعد ان كانت افريقيا في الماضي خارج الحسابات السياسية الخارجية الامريكية، وقررت امريكا تخصيص 100 مليار دولار لدعم الدول الافريقية في الفترة القادمة بهدف تعديل التوجه الاستراتيجي لدول افريقيا، ليكون لصالح الولايات المتحدة مستقبلا، بعد ان كانت الصين وروسيا تسيطر على دول افريقيا بدعم الاقتصادي في هذه الدول، خاصة في مجالات البنية التحتية، من بناء المطارات، والسدود، والموانى، ومحطات الكهرباء،… الى اخره. وبنظرة على الموقف الأوروبي فان الجميع ينتظر انتهاء الشتاء وهل ستصمد دول الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، حيث يري الجميع انه من المنتظر ان يحدث تفكك في دول الاتحاد الأوروبي التي ظهرت بوادره في الاتفاق على تحديد سقف سعر الغاز الروسي وهذا ما ستوضحه العلاقات الأوروبية في الفترة القادمة. وبالنسبة لتركيا فإن الجميع يراقب دور الرئيس أردوغان، الذي سيدخل الانتخابات في العام الجديد، ويحاول الاستفادة بأكبر قدر من الدعم الأمريكي، كونه عضوا في حلف الناتو. وعلى الجانب الآخر مع روسيا، حيث ساعدت وساطته في تأمين ممر الحبوب من أوكرانيا إلى دول العالم، ويحاول زيادة التقارب مع روسيا، بهدف تأمين منطقة شمال سوريا، ضد الأكراد، كما يعمل حاليا ان تكون تركيا مركزا لتوصيل تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا، كل ذلك يدعو للتساؤل ما هو موقف تركيا في العام الجديد. وهكذا اثبتت الحرب الروسية الأوكرانية، انها غيرت خريطة العلاقات الدولية في العالم، وهذا ما سنراه خلال العالم الجديد.