(( الأزمة المصرية وزبائن المطعم الأوروبي ))
لا يخفي علي أحد بالطبع حقيقة وأسباب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد حالياً ولا مجال لأي طبال أن يدعي أن الأمور بخير بعد أن أعلن رإس الدولة ذاته عن وجود أزمة حقيقية متفائلاً بعبورها..
وليس المجال هنا للبحث عن سبب تلك الأزمة أو مناقشة الخطط العقيمة التي أوصلتنا إليها بقدر الحاجة إلي التكاتف لعبور تلك الأزمة الشديدة التي أحاطت بالبلاد وأدت إلي إرتفاع جنوني في الأسعار وهو أمر طبيعي لدولة تتخذ إجراء بمرونة سعر الصرف في دولة تعتمد علي ما يقارب من ثمانين بالمائة من احتياجاتها من الخارج في التوقيت التي تم سحب عشرات المليارات الساخنة التي دخلت للإقتصاد المصري بعد أن وجدت ملاذا أكثر أمنا في بنوك الغرب بعد رفع سعر الفائدة لديها إلي أرقام غير مسبوقة..
الأمر الذي أصبح علي (الجميع) الآن العمل علي ترشيد الإستهلاك بقدر الإمكان حتي نتمكن من خفض إحتياجات السلع الضرورية المستوردة بما يوفر الدولار المطلوب لإستيرادها وينعكس بالطبع علي خفض الأسعار أو علي الأقل ثباتها مؤقتاً حتي لا نكون سبب غير مباشر للقضاء نهائيا علي معدوم ومحدود الدخل الذي يتحمل الآن ما يفوق قدرة البشر ولعل التوقف عن مظاهر البذخ والإسراف من بعض الفئات بل ومن الجميع كل حسب قدرته علي الترشيد يساهم في تخفيف تلك الأزمة ولعل شهر رمضان القادم يكون خير تجربة لذلك.. هذا الشهر الذي جعله الله للصيام والذي حولناه إلي النقيض تماماً حيث تحول إلي الموسم السنوي لاستهلاك أكبر كمية من السلع الغذائية..
ولعل سيادتكم تتسائلون الآن ما علاقة ذلك بزبائن المطعم الأوروبي عنوان المقال.. وهي قصة تبين وعي الشعوب بشكل عام وفي حالة الضرورة بشكل خاص حيث قام أحد المهاجرين لدولة غربية بدعوة أصدقاء قدامي له علي العشاء بأحد المطاعم عقب وصولهم لهذا البلد وطلب لهم من أصناف الطعام كل ما لذ وطاب بما يزيد عن حاجتهم بكثير وبعد لحظات وجد الشرطة تقف بجوارهم لتحرير محضر لهم وتساءل عن سبب استدعاء الشرطة أصلا فتقدم إليه أحد الزبائن الجالس علي الترابيزة المجاورة وأخبره أنه هو من استدعي له الشرطة فأستغرب لذلك وتسائل وما علاقة الشرطة به وبطعام طلبه لأصحابه وسيدفع ثمنه..
حينئذ أخبره الرجل أن المال أنت تملكه ولكن موارد الدولة ملك للجميع لا يجوز لك أن تأخذ منها ما يفوق حاجتك..
وتلك تجربة أصبح علي الجميع أن يحترمها لأنها أصبحت حالة ضرورة وقد حث عليها الدين الحنيف ولكننا لم نتبع ذلك لعل إتباعها حالياً يساهم في إنقاذ وطن ومشاركة في الرحمة بفقرائه الذين إتسعت دائرتهم وزاد عددهم..
اللهم بلغت اللهم فاشهد